.
Sunday, November 04, 2007
.
Wednesday, September 19, 2007
كان مهبلي أخضر، بحقول وردية ناعمة كالمياه، أبقار تخور، الشمس تستريح ،حبيب لطيف يمسني برقة بقطعة طرية من القش الأشقر
هناك شيء بين ساقيَ، لا أعرف ما هو، لا أعرف أين هو، أنا لا أُمَس، ليس الآن، ليس بعد، ليس منذ...
كان مهبلي متكلماً، لا يتمهل، يتكلم ويتكلم كثيراً، كلمات معبرة، لا يتوقف عن المحاولة، لا يتوقف عن نطق عبارة: أنا هنا
ليس منذ حلمت أن هناك حيواناً ميتاً مخيطاً بالأسفل هناك بخيط صيد سميك أسود. لا يمكن إزالة رائحة الحيوان الميت الكريهة. كان عنقه مذبوحاً وكان ينزف أسفل كل فساتيني الصيفية ..
مهبلي يغني كل أغاني الفتيات الصيفية، أغنيات أجراس الماعز الدقاقة، أغنيات الحقول الجامحة الخريفية، أغنيات المهبل، أغنيات المهبل الخاصة
ليس منذ أن قيدتني أمي وجدتي إلى المقعد وزغردت عمتي بينما يمسني النصل البارد،البارد جداً.لم أعرف إن كانوا سيذبحونني وكيف سأقاوم لو فعلوا. كانوا كثر وكبار، وأطباء متوحشون بأقنعة سوداء يوخزونني بإبر حادة بينما يحدقون بين ساقي فيما تأمرني أمي باخفائه عن كل الناس
مهبلي مياه نهر تصلح للعوم، مياه رقراقة نقية فوق أحجار لفحتها الشمس فوق أحجار بظرية، وأحجار بظرية كثيرة أخرى
ليس منذ أن سمعت صوت الجلد ينشق، ليس منذ انقطع جزء منه وربطوه على رسغي. ليس منذ أن شاهدت قطعة من لحمي منفصلة بين أيديهم
مهبلي. قرية مائية رطبة. مهبلي مدينتي الأم.
ليس منذ أن جاء الأطباء ورائحتهم كالروث واللحم الفاسد، وأعملوا مشارطهم في لحمي الشاب. أصبحت نهراً من السم والصديد وماتت كل المحاصيل وكل الأسماك
مهبلي قرية مائية رطبة.
اقتحموها وذبحوها وأحرقوها.
أنا لا أمس الآن.
ولا أزور.
أنا أعيش في مكان آخر الآن.
ولا أعرف أين هو.
الكتابة الجديدة للنص مصدرها المناقشات الجارية حول التشويه الجنسي للإناث
محمد المسير: يحموك في كنكة
Monday, September 10, 2007
كنت أحاول وبشدة تجاهل الحوار الدائر لدى عمرو عزت على تدوينة "فيما معناه" ولم أفلح لإنني وجدت تعليقات عمرو تستحق القراءة والتأمل ولو احتملنا في سبيل ذلك بضعة غصص في الحلق والتواء في الشفتين مع امتعاض خفيف يظهر في شكر حرقة معدة. كما وجدت المعلق الأساسي الآخر المسمي نفسه "فادي" منظم الحوار، فصعب التجاهل أكثر.
رأيت في جملة كتبها عمرو في بداية التعليقات تلخيصا للمسألة محل النقاش، وتلخيصا لمسألة التعايش الذي فشلت فيه شعوبنا بجدارة:
العالم بالفعل منقسم إلى قسمين أضداد: قسم يفهم إن الحياة كلها تدور في الداخل، وإنه ما من انتصار ولا أهمية لأي شيء سوى ما هو في داخل الانسان، وإن الأخلاق معنى أكبر من "إجبار الآخرعلى اعتناق ما أؤمن به من قيم"، وقسم يرى إن الانتصار هو أن يعتنق الآخرين قيمي "وهم صاغرون". ينظر الأُخر في دواخل أنفسهم في اللحظة الحرجة لاستلقاء الرأس على الوسادة فيجدون أنفسهم صفر اليدين، ما جنوا شيئا. فيستيقظون في الصباح لمزيد من الإجبار أو المحاولة عليه عل ذلك القلق المزمن يهدأ! .
وما دمنا مبتدءا في العبارات فسأورد بعضا مما حيرني، قبل أن أقول رأيي في النقاش. ومادام كل يكتب صفحتين فأنا أطالب بالصفحة بتاعتي! (للذكر مثل حظ الأنثيين). هو صحيح سؤال جانبي: لو أنني حامل في أنثى من حقي آخد زي الراجل ولا لأ؟
" في حين ان ترجمة ما تريد (الكلام موجه لعمرو عزت) هي اباحة السفور والخلاعة والاباحية والربا وزواج المسمات من غير المسلمين وعدم صيانة المجتمعات المسلمة"
أي تنطع في الحكم على ما يبطن الآخرون! ما هذا التسلط البشع؟ من هو هذا الإله الذي يدعون له؟ أهو بلطجي من أولئك الذين يلبسون أساور مسننة يرهبون بها الناس؟
وكالعادة، وفيما عدا الربا، فإن كل ما "كلامك ترجمته" يا عمرو هو إطلاق البعبع الأكبر: الجنس، سكس، المسلمات اللاتي سنتفتح أفخاذهن لمني غير المسلمين (بالتأكيد، فالعالم كله في انتظار انحلال المسلمات الجنسي لينقض عليهن) فيضيع شرف الإسلام المحفوظ كشرف كل القبائل بين أفخاذ النساء. فنحن مرضى بالجنس. لا نعيش إلا له، ولا نرى في الغرب إلا أخلاق جنسية تختلف عن أخلاقنا
وبعد، امتلئت التعليقات بعبارات تشبه ما يلي، أورد منها اثنين:
"
ها هو ذا الإله البلطجي يعود من جديد، ملوحا بمطواه أو قبضته أو "جنازيره" الشهيرة في وجهك طالما لم تكن "ولدا عاقلا" و"تسمع الكلام" وأنت صاغر! وتقول "ربي اغفر لي إني كنت من الظالمين!". وليس هذا لا سمح الله لإنك غير موحد أو غير مؤمن بالله أو بالقرآن أو برسالة رسوله أو برسوله نفسه أو لا تصلي أو لا تصوم أو لا تنطق الشهادتين، إنما لإنك تجرأت على التفكير بعقلك لا بعقول الآخرين. أو لنكن أكثر دقة: لإنك جرؤت على التفكير بعقلك لا "بعقله"!
ومنها إلى الضلالات العجيبة التي أصبحت أشبه بهستيريا عامة:
" الشعوب الآن تريد الاسلام لكن الحكومات الظالمة غربية وحتى اسلامية لا تريد اسلام."
لست أدري من أين أبدأ التساؤلات. لنبدأ بترتيب الكلمات:
1- أية شعوب؟
2- أي إسلام؟ الشيعي؟ أية فرقة منه؟ السني؟ أية فرقة منه؟ القرآني؟ أية فرقة منه؟
3- ما هي الحكومات الظالمة؟ ومن هي؟ وما هي المعايير التي "أثبتت" ظلمها؟
4- أي إسلام لا تريده هذه الحكومات المزعومة؟ السنة؟ أية فرقة؟ الشيعي؟ أية فرقة؟ القرآني؟ أية فرقة؟
5- ما هو "الإسلام"؟
كنت أظن- حتى وقت قريب – وقد أكون على خطأ أن المسلم هو من نطق الشهادتين جهرا. ولهذا السبب يعتبر نطق الشهادتين علامة الدخول في الاسلام. وما يحدث بعدهما لا يعني أن المرء خرج عن الاسلام إلا لو جاهربالكفر بالله أو برسالة رسوله. أما الخلافات بعد ذلك فلا تجعل من هذا إسلام ومن ذاك طعمية بالسمسم! إنما وجدت المعلق كلما جوبه بحقيقة من حقائق تاريخ "الإسلام" أو الأنظمة "الإسلامية" ادعى إن ذلك ليس "اسلاما"! بما في ذلك السعودية وإيران. وطبعا غني عن الإضافة إن الإسلام الوحيد الصحيح هو "إسلامه". فإسلام شخص مثل عمرو عزت مثلا سيؤدي به إلى التهلكة ويتحمل أوزار فكره وأوزار من يتبعون فكره.
.
".اما الآن فهم يسمون هذا ازدراءا للأديان ويختبئون وراء هذه الكلمة"
هذه الجملة من أعجب ما قرأت!!!! من "هم" الذين يسمون "المناقشة" ازدراء للأديان؟ هذه الجملة جملة قانونية - أظنها وقد أكون مخطئة "اختراع مصري" مسلطة على رقبة كل من يجاهر بمناقشة الاسلام ولو كان في الدانمارك! الغرابة هي أن نعتبر "المناقشة" المطلوبة هي أن يقول الآخر ما يعجبنا أو يطرح تساؤلاته التي تجعلنا نرد عليه بما يعيده عن غيه. وتساؤلاته تلك ما هي إلا المفاهيم الخاطئة التي وضعها في رأسه أعداء الاسلام فنرد ضاحدين غيهم وكذب فلاسفتهم بداية من سقراط مرورا بنيتشة وانتهاءا بشعبان عبد الرحيم مثبتين بما لا يدع مجالا للتفكير إن الإسلام أكيد هو الحقيقة الوحيدة في الدنيا فتنتهي المناقشة: بأشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله!
ارجعوا لدينكم وتاريخكم وادرسوه..ولا تقيسوا على دين محرف - واكبر دليل على تحريفه هو فشله في بناء حضارة - وادت افعال اتباعه ومستغليه وهو منهم برئ " الى ما نراه اليوم من الحاد وتنحية للدين في العالم"
من ذا الذي قال إن دور الدين بناء حضارة؟ إنت؟ من تكون أنت؟ إنت واحد من بلايين يسكنون هذا الكوكب في
اللحظة الحاضرة وبلايين البلايين سكنوه قبلا كل منهم له فكره الخاص وكل ما يملكه من الحقيقة المادية هو تلك الصورة المطبوعة على قرنيته بالمقلوب!!!!
ومن هؤلاء المطلوب أن "يرجعوا لدينهم وتاريخهم"؟ النصارى كما يسميهم المعلق؟ ما للنصارى والمسألة محل النزاع؟ هل ادعي المعلق الآخر مثلا إنه "نصارى"؟ أصر الصارم الحاسم على إن "فادي" – المعلق الآخر – "نصارى" حتى آخر تعليق بالرغم من إن المعلق فادي قال أكثر من مرة إنه دهري. هل تاريخ أوروبا الوسطى هو تاريخ "الحكم المسيحي"؟ تاريخ أوروبا الوسطى هو تاريخ الحكم الديني بكل قذاراته وسوءاته أيا كان هذا الدين ولو حكم الله نفسه. وقد تنحى الله عن الحكم لإنه أذكى منا كثيرا – بطبيعة الحال. من قال إن ما تفعله الحكومات "الدينية" يؤخذ على الدين؟ لو كان الأمر كذلك لكان الاسلام في وضع لا يحسد عليه إطلاقا منذ أن نزل قبل أربعة عشر قرنا وحتى يومنا هذا!
مالك وما تراه من إلحاد؟ مالك تتدخل في علاقة الانسان بربه وهي أدخل الدواخل وأخص الخصوصيات؟ استح ... من حسن اسلام المرء تركه ما لا يعنيه!!! الاسلام ليس "عصابة" تطلب منضمين. الإسلام موضوع إيماني. ولن أعتبر حتى تلك العبارات التي قرأتها عن "توقيع" من يريدون الدخول في الإسلام أن يقتلوا لو ارتدوا. فأنا أرى إن هذه العبارة في حد ذاتها تحتاج إلى سنة على الأقل من العلاج النفسي. ثلاث مرات أسبوعيا، الجلسة 35 دقيقة وتكلف ثمانين جنيها، ولا يغطيها للأسف التأمين الصحي.
تنسون قرون من الحضارة كانت فيها اوروبا ترزخ تحت حكم دين وضعي""
أي كلمة هي الموصوفة بالوضعي؟ الحكم أم الدين؟
"حرية معاصي ايه بس التي تترك لحرية الفرد"
تعجبني دائما هذه العبارة حين أقرأها أو ما معناها. وكإن هناك قوة في الدنيا مهما كانت تستطيع منع "حرية المعاصي"!!!! لو كانت هناك قوة تستطيع ذلك لما احتجنا لا للثأر ولا للقصاص العادل ولا للقانون ولا لغيره! كل ما يملكه الثأر أو القصاص العادل أو القانون الوضعي أو الضرب على اليد أو كخ كدة هو "رفع ثمن الحرية"!!! إنما لا تستطيع أية قوة مهما كانت أن تنتزع حرية المعاصي أو غيرها من الفرد من الفرد!!! فلو قيدته وكبلته فعقله شارد: يلعن ويكفر ويعلن النيات "وإنما الأعمال بالنيات" ولو لم تستطع تنفيذها لإن أحد ملاك الحقيقة المطلقة وضعك في السجن لإنك جاهرت بإيمانك!
وهذه في رأيي هي عظمة فكرة "الله" كما أظنها. هو لا يريد طاعة مغصوبة ولو بغسيل المخ. يريد فعلا بحرية ولو اتيحت المعصية وهي قمة العلاقة بين الانسان والإله.
وسؤال جانبي آخر: من أين أتى ذلك التعبير: نصارى؟
المسيح "كان يدعى ناصريا" وعليه فأتباعه قد يسمون "ناصريين" مثله، إنما فضولا، من أين أتى لغويا ذلك التعبير الغريب: نصارى؟
" وان كل كنيسة وكل مذهب له ان يحذف ويضع بما شاء وكيف شاء"
ما هذا الهذيان؟ هل يصدق أحد هذه الهلوسة؟ هل يصدق هو نفسه؟ يا سيدي الغرض من التحريف لا يتحقق إلا لو لم جهلته العامة. اعطني مثلا بجزء من التوراة حذف أو أضيف باثبات علمي معقول. بل أنت تدعي إن كل مذهب أو كنيسة "له" أن يحذف ما يشاء! – ولا أريد أن أسمع عن اختلافات الترجمة. فأنا أكتب في عدة أماكن بالانجليزية والفرنسية وأعاني لإيجاد نسخة من القرآن ترضيني ترجمتها لاستعملها في ترجمة الآيات. بعض ما ادعي المعلق إنه مختوم من جامعة أم القرى ولا الأزهر ولا خلافه يحتوى على أخطاء رهيييييييييبة. بعضها فهما وبعضها لغة. للأسف اكتشفت هذه الحقيقة بالطريقة الصعبة حين استخدمت ترجمة معتمدة من الأزهر ونقلت عنها مطمئنة الضمير لأكتشف سذاجتي و براءة تفكيري والمصيبة التي فعلتها بأن نقلت الترجمة دون أن أنظر فإذا بالقرآن يقول إن المحيض "مرض"
!!!disease
"لا توجد نسختين متطابقتين من الإنجيل أو التوراة؟"
يا سلااااام؟ تحب أبعتلك كام نسخة متطابقة؟ خصوصا من التوراة؟ ما هذا الهذي؟
أما في العموم فإنني أجد صعوبة في فهم هؤلاء الذين يظنون إنهم ملاك حقيقة مطلقة لا تخصهم وحدهم إنما تفرض على الآخرين. ليه؟ هل يملكون رأسين ونملك رأسا؟ اصطفاهم الله ... كيف؟ هل من دلالة ممكنة القياس بمقياس حيادي على ذلك القياس؟ حفرية؟ رسالة في زجاجة؟ إيميل مثلا من ربنا؟ جواب؟ ميسد كول؟
لو أردت أن تعرف أسرع الأديان انتشارا فهو الالحاد ما يتبعه من اللاأدرية. وأنا أرى إننا – المؤمنين – السبب المباشر في ذلك. أي إله قدمنا للناس، خاصة أصحاب الانسانية العالية والحس المرهف والأخلاق الأرقى؟ قدمنا إلها "بلطجيا"، "قبضاي"، جبار، تقوم بسببه الحروب ويقتل الناس بعضهم تحت زعم "اصطفائه" لهم هم بالذات دونا عن الواقفين إلى جانبهم يدعون نفس الاصطفاء. لن أنسى إنني قرأت على مدونة مرة: "أنا ماليش دعوة بربنا الدموي بتاعكم ده إل بيخلي الناس تقتل بعضها. افتح الكتب المسماة سماوية واقرأي دعاوى الحرب والقتل والتدمير!!!"
جعلني كلامه أتفكر... كم حربا قامت بسبب الإلحاد أو حتى الوثنية وعبادة الأصنام؟ هل سمعت إن الملحدين خاضوا حربا لقتل المؤمنين أو لفرض الالحاد؟ الحروب والقتل من تخصص الأديان عموما وبرعت فيها ورفعتها إلى درجة الفن الأديان السماوية. وهذا هو الإله الذي نقدمه للعالم: إله لا يشبع إلا بالدم!
وعلى الهامش: الدهريين يختلفون عن الملحدين، يظن الصارم الحاسم أحيانا إن فادي مسيحي حين يروق له أن يعادي "الفريق الآخر" وملحد حين يبدو ذلك أكثر مناسبة. بينما أعلن هو إنه "دهري". ربما يكون دهري وملحد أيضا لا مانع، إنما يوجد من الدهريين من هم غير ملحدين، أي يؤمنون بالإله.
طبعا: أنا أكتب هذا الكلام لنفسي كنوع من الفضفضة لما يتملكني اليأس من أن يتعقل المؤمنون في يوم من الأيام ويرفعوا عن الله عار انتمائهم إليه، إنما لا أتوقع له جدوى، فالضلالة الأساسية في الحوار هي حقيقة مطلقة قسمت الدنيا إلى: مسلمين – متآمرين على الإسلام، لن يخضعوا إلا بالسيف أو أن يستمعوا "للحكمة التي ستقطر من أفواهنا" فيقولون آمين: أشهد أن لا إله إلا الله وإن محمدا رسول الله، ويا لزماننا الذي ضاع وقد ضحك علينا أربابنا وقسيسينا وحكوماتنا الظالمة والحمد لله الذي أتانا بمن يجعلنا أهل ذمة، ويخيرنا بين الحرب والجزية، ويتيح لنا حرية المناقشة شريطة أن نقول ما يعجبه عن دينه.
وجدتني أفكر أثناء ما أقرأ في معضلة أخرى لا أعرف كيف يتم تخطيها مع ملاك الحقيقة المطلقة. فعلى مدار مئة وما يزيد تعليق لدى عمرو يصر صاحب الحقيقة المطلقة إن كل شيء هو إما حرام وإما حلال وإن فرض الحلال واجب ولا مجال لأي ما بينهما. كيف؟ كيف تُفهمهم إن الحياة أوسع من مجرد ما هو حرام وما هو حلال وإن حلالك حرام آخر وحرامك حلال آخر وحرام زمنك حلال زمن آخر وحلال زمنك حرام زمن آخر وإن القطاع الأعرض من أفعال حياتنا لا يقع في نطاق الحرام والحلال بل يقع في نطاق خارج عنهما هو الصواب والخطأ الذي يتم قياسه على مجموعة معقدة من المتغيرات؟
Tuesday, September 04, 2007
بيقولوا إن ربنا كان زهقان فخلق الأرض. ابتسم يوم وبعدين زهق تاني فخلق الشمس والقمر. ابتسم يوم وبعدين زهق تاني فخلق النباتات. ابتسم يوم وبعدين زهق تاني فخلق الحيوانات. ابتسم يوم وزهق تاني ويوم ... ويوم ... وبعدين خلق الانسان ... ومن ساعتها ما بطلش ضحك!ا
This is a part of an e-mail which was forwarded to me from a friend, commenting on the song: Et7agebty, Bravo 3aleiky.
I liked the remarks:
"It (the song) aired for sometime on national TV, I don't know if it does now. The part of the little girl getting into class with hijab when she has to jump to get on the desk for being too short freaks me out! And the chocolate that comes out of the teacher's pocket!!! !
However, it's the first time I notice this girl "alilet el adab" who turns off the TV while her big sister is watching as if there is no other room in the house to pray!!! without a "pardon" or "please" or "excuse me" and with that smug look on her face!!!!
.
The funny part is: "The little girl praying does not remind her older sister to GO PRAY, but reminds her to wear a stunningly beautiful veil and GO MEET HER BOYFRIEND who touches her freely on the face and proposes!!! !
To some it up:
Primary school girls who wear veil get chocolate.
It's Ok to be ill behaved and a smug with those older than you if you are kid who covers her head. Go around shoving manners down there throats.
Prayer is not the point. Hijab is the point.
A girl who wears veil gets prince charming, who has the sexiest locks and looks!"
الترجمة: الفقرة بأعلى جزء من بريد أُرسِل إلىَ يحمل تعليقات من صاحبه حول أغنية "اتجبتي برافو عليكي". وما كنتش شفت الأغنية قبل كدة وعجبتني الملاحيظ. واستأذنت لنشرها. خد عندك:
"الأغنية اتذاعت بعض الوقت على التلفزيون الأرضي، مش عارف إذا كانت بتتذاع دا الوقت ولا لأ. الجزء الخاص بالطفلة إل بتدخل الفصل بالحجاب وهي صغيرة لدرجة إنها لازم تنط عشان تطلع على الكرسي مفزعة! والشوكولاتة إل بتطلع من جيب المدرس (مفزعة)...
لكن دي كانت أول مرة آخد بالي من البنت "قليلة الأدب" إل بتقفل التلفزيون واختها الكبيرة بتتفرج كإن مافيش مكان تاني في البيت عشان تصلي فيه. من غير بعد إذنك أو لو سمحتي أو لا مؤاخذة، مع تلك النظرة المتعالية على وجهها.
إنما الجزء المضحك بقى هو إنه لما البنت الصغيرة بتروح تصلي فده مش بيفكر اختها الكبيرة تروح تصلي، إنما بيفكرها تروح تلبس إيشارب تحفة وتروح تقابل الواد صاحبها إل بيعدي إيديه على وشها ويتقدملها!
بالمختصر:
طالبة ابتدائي إل تلبس الحجاب تاخد شوكولاتة.
من المقبول أن تكوني مش متربية ووقحة مع إل أكبر منك لو كنتي طفلة بتغطي راسها. دوري وزغطيهم أخلاق بالعافية.
الصلاة مش هي الموضوع. الحجاب هو الموضوع!
البنت إل بتلبس غطاء راس بتفوز بفارس الأحلام جذاب الوجه والشعر!
*******************************
بوست سكريبتم:
لقيت الأغنية على بعض المواقع الإسلامية تحت اسم "نشيد: اتحجبتي برافو عليكي" عشان على ما يبدو الأغاني حرام والأناشيد حلال. أكاد أسمع قهقهة الله....
Friday, August 31, 2007
العدد الرابع يحوي ملف عن المرأة تشرفت بكتابة مقال فيه
العدد أيضا فيه مقال لعمرو عزت بعنوان....
ولا بلاش، الفتنة أشد من القتل :)
اسمع كلام عمرو والحق نسختك
لقيت طريقة ما تخرش المية لحسم الخلاف حول عدة قضايا فقهية عويصة حيرت الأمة عقود، وصرف عليها ييجي كام مليون جنيه في أجور الشيوخ إل طلعوا يفتوا فيها في التلفزيون وكل يشحذ امكانياته الفقهية في المحاولة للوصول لحل يريح أعصاب الناس. من هذه القضايا على سبيل المثال وليس الحصر:
الزواج العرفي زنا ولا زواج حلال
أي أنواع الطلاق تقع وأيها لا يقع (طلاق الهزار، طلاق التلفزيون، الطلاق في السر، الطلاق عن بعد، عليَ الطلاق ... إلخ)
زواج المتعة حرام ولا حلال
هل يقع الزواج في التمثيل في المسلسلات أم لم يقع
والحل – الذي لا أعرف كيف تاه عن أساتذة الفقه – هو التالي:
في تحفته الخالدة "فتنة النساء" عدد محمد حسين يعقوب أًبْقيَ ذخرا للشباب الهايج عقوبات الزنا – حوالي 14 أو 15 – من ضمنها كآبة الوجه وخراب البيت والحرمان من مزز الجنة إل معمولين من ياقوت ومرجان، مزز أخضر على بمبي وبيلمعوا، حاجة مكن. أما العقوبة المهمة التي ذكرها يعقوب فهو فواح رائحة كريهة من الزناة. وقد أوضح يعقوب منعا للبس إننا لا نشتم تلك الرائحة لإن الزناة كتروا قوي وبالتالي اتعودنا على الريحة، ولكن المؤمن العفيف يشمها.
وعليه، وحلا لكل المشكلات الفقهية السابقة، إحنا نجيب واحد من المؤمنين العفاف ونغمي عينيه وودانه. ونجيب صف ناس: من عذارى إلى متزوجين عرفي إلى متزوجين مسيار ومتزوجين في المسلسل ومتزوجين متعة وواحد طلق مراته وما قالهاش وبعدين نام معاها وواحد طلق مراته عشر مرات وقال كل مرة ما كانش عندي النية إلخ إلخ. ونخلي المؤمن العفيف يشمهم: إل يطلع ريحته زنا يبقى مش زواج صحيح وإل يطلع ريحته حلوة يبقى زواج صحيح وتأتي البينة الجلية.
وبعدها ممكن كمان ندرب كلاب معينة على تمييز الرائحة، ومن الممكن أن يتم الاستعانة بتلك الكلاب المدربة في قضايا النسب كقرائن زي أجهزة كشف الكذب كدة.
ونجاملكم في الأفراح
Thursday, August 30, 2007
تقابلنا في ورشة عمل حول النساء ضحايا العنف. فتاة من الجيل الجديد، تبدي اهتماما ما بقضايا المرأة. في الجزء الأول من ورشة العمل أبدت حماسة واهتمام. تصغرني بالكثير من السنوات، من الجيل الذي لم ير امرأة قبل عصر المرأة عورة. الجيل المسكين كما أسميه . أحمد الله في سري إنه ما زال هناك منهن من يحملن هم العنف ضد النساء. في الاستراحة أخذنا الحديث إلى كل الأماكن، من ضمنها المرأة، قلت رأيا عن فقر نوعية حياة النساء نتيجة الضغوط المجتمعية عليهن، وإنه مهما كانت المرأة حرة في داخلها فالقانون والمجتمع الذان يعاديانها كإنها أكلت أولادهما يؤثران على نوعية الحياة تلك جدا. فوجئت بالفتاة الشابة تخالفني الرأي بشدة، قائلة إن النساء حصلن على كافة حقوقهن - وهي الكلمة التي ما إن أسمعها حتى أذهب إلى مكان ذهني جميل وهادئ وأسرح في تدليك "رفلكسولوجي" لقدمي ثم أفكر فيما سأرتديه غدا وإن كان المكوجي المتأخر دائما الله يعينه قد أعادها أم لا وإن كانت البت الشغالة قد فتحت له الباب أم استعبطت كعادتها، ونوع الزيت الذي سأضيفة لحمام الفقاقيع خاصتي حين يسمح الوقت خلال الأسبوع. بعد أن أنهت المحاضرة المحفوظة عن "حصول المرأة على كافة حقوقها" وهي من المحاضرات المفضلة لماما سوزان عددت أنا لها 20 وظيفة يمنع على المرأة امتهانها قانونا على سبيل المثال وليس الحصر. ردت علي إنها تعرف تماما كيف تأخذ حقوقها من المجتمع. يبدو إنها أيضا - حين كنت أعدد العشرين مهنة - كان سارحة في حمام الفقاقيع الخاص بها. انتهى الشاي والبتي فور وعدنا لورشة العمل التي طالت. والساعة العاشرة استأذنت الأستاذة التي تعرف كيف تأخذ من المجتمع كافة حقوقها تاركة إيانا بمهمتها الحاسوبية التي كان من المفترض أن تضطلع بها في الورشة والتي لا تملك أي منا للأسف الخبرة التقنية لاستلامها. حين سألنا لماذا كان عليها أن تذهب قالت: "أبو وردة بيترفع الساعة عشرة ونص". الأستاذة التي "تعرف كيف تأخذ حقها جيدا من المجتمع" عمرها ثمانية وعشرين عاما، تعمل في وظيفة مرموقة بمرتب محترم، مثقفة، محجبة، وعلى قدر كبير من الثقة بالنفس.
الانكار... أقوى سلاح نفسي عرفته البشرية.
Monday, August 27, 2007
أستمتع حاليا بقراءة المدونة المشوقة "حسناء الصباح"
Diaries of a London Call Girl
الكثير من القراءة والقليل من الوقت، وقدرة الابصار
Tuesday, April 24, 2007
شرعية الجهل والجهلاء
صدقوني، أنا أحاول أن أبقى هادئة ولكن، ضعوا أنفسكم مكاني، وقولوا لي سبيلا للهدوء، افهموني، الأغبياء سيقضون على العالم بالقضاء علي كافة أفراده العقلاء بالسكتة القلبية بنفس تلك الطريقة. إنها مؤامرة على البشرية.
قبل عدة أشهر دخل معلق مجهول بهذا التعليق على المدونة ، أنا أورده هنا لئلا أظلمه أو شيء من هذا القبيل
اختنا زبيدة .. اراءك احيانا تبدو غريبة .. ممكن لو سمحتى ان تشرحى لى ببساطة تتناسب مع قدراتى العقلية .. ما يصح و مالا يصح فى ازياء النساء (مثلا) و على اى اساس بنيتى رأيك ؟ و بمعنى ادق من اين استديتى شرغية لذلك الرأى
على فكرة .. سؤالى لا علاقة له بالحجاب ..
السؤال هو: من اين استديتي شرغية لذلك الرأي؟ يعني: من أين استمديت شرعية لذلك الرأي
الحديث عن الشرعية إذا، أهلا وسهلا، موضوع غاية في الجمال والتعقيد.
رددت بإنني لا أفهم معنى أن يطالب بـ"شرعية" للرأي – ظنا مني إن الحديث عن الشرعية - ساذجة أنا - فالرأي قد يكون منطقيا، مهلهلا، ذكيا، غبيا، أما شرعي أو غير شرعي فلا أظن.
كمواطنة بريئة رددت على السؤال، فرد عليَ المعلق مرة أخرى مرة أخرى بأسئلة من نوع: "هل تعترفين بوجود ربنا"، "هل للأخلاق مكان في قاموسك" والأهم: "هل تعرفين معنى كلمة (شرعي)" معطيا لنفسه اسم "هارون الرشيد" على أساس إن أنا زبيدة يعني والقافية حكمت هاهاهاها، وكانت دي على ما يبدو افتتاحية النكات .خلوا بالكم هو بيسألني أنا إن كنت أعرف معنى "شرعي"، عشان ده مهم للقصة بعد كدة.
المهم، تركته يخرج كل ما عنده، فنقل صفحات من كتاب "مقدمة في القانون" لطلبة الحقوق أو التجارة أو الزراعة، لا فرق، فهم هم نفس الكام صفحة التي تتحدث في مصادر "التشريع" من دين وعرف إلخ إلخ. اعتبرت إنه يقصد إنها أيضا مصادر "للشرعية" – وهذا حقه حتى لو اختلفت معه. وأشفع بها صفحات من المعجم عن معاني كلمات مثل : شرعي، شرعية، شريعة - يعني عارف، مالهوش حجة.
,وكان طرحي الذي أوردته في ردي هو إن: "الشرعية قياس للأفعال وليس للآراء". وكنت عزفت عن أن أورد ذلك في تعليقي الأول عمدا حتى يقع في جهله مكان ما وقف. وطبعا وقع برص مصادر "التشريع" على إنها مصادر "للشرعية" وعلى إنها مقياس "للرأي" وسميت عليه - إسم الله عليه يعني - كما تسمى أي مواطنة على أخوها المواطن حين يندلق في حفرة مبعثرا حوله حاجة بتاعة مائة كيلو من الذكاء والألمعية.
ولكن ولسبب جهلته على مستوى الوعي وقتها استمر هذا الهارون في تكرار نفس السؤال. وظللت أردد نفس الإجابة، بينما رد فعل الهارون هو تكرار السؤال واتهامي بإنني لم أرد عليه وهذا على مدى ليس تدوينة ولا اثنتين بل ثلاث، فرددت للمرة المائة بنفس الطرح:
"الشرعية قياس للأفعال وليس للآراء بل ويذهب بعض فقهاء القانون إلى إن الفعل نفسه ليس مجالا للقياس حتى يحدث أثرا"
وتدوينات تشيلني وتدوينات تحطني، وهو لسة بيسأل نفس السؤال ومش بيرد على طرحي، حاجة بتاعة مائة تعليق كدة، إل له خلق يعدهم ... يعدهم
ولكن مع استمرار سؤاله بدأ الفأر يلعب في عبي. الله يخرب بيته هذا الفأر، مش كان يلعب من بدري قبل ما أضيع كل الوقت ده.
إذ بدأت نفسي الأمارة بالسوء تغمزني: "مش يمكن يا بت؟"
فأرد عليها بحزم: "لأ طبعا، مش ممكن يكون ضايع للدرجة دي"
فترد نفسي بتنهد الحكماء: " كل الأعراض بتقول كدة... هتشوفي"
أقول لها:"بلاش عبط بقى، إنتِ بس إل دايما نيتك وحشة... "
فمشت تتقصع وتمصمص شفايفها قائلة: " إبقى قابليني إن ما طلعتش هي دي الحكاية... هنشوف"
وقبل دقائق كسبت "نفسي" الرهان، إذ إنني وجدت هذا التعليق من ذلكم الهارون
وإليكم - حتى تشعروا بما أشعر في جهة اليسار من الصدر، بعد الشر عنكم- أجزاءا من سطوره التي لابد، نظرا لحالتي وقت قراءتها أن تعتبر " شروع في قتل"
اتضح إن الزميل إل داخل "يُيَظِر" في الشرعية ومصاردها مش عارف الفرق بين:
"شرعي" و"شريعة" و"شرعية" و"شريعة إسلامية" وكمان "تشريع" من عندي. كلهم عنده بنفس المعنى "منسوب للشريعة الإسلامية". ومش عارف الفرق بين حكم المحكمة والرأي. يعني يا ولاد "شرعية" ما هي إلا مؤنث "شرعي" وعايشين في تبات ونبات ومخلفين شرعيين وشرعيات. شفتوا بقى. شرعية الرأي يعني يبقى زي رأي شيخ الأزهر كدة: "رأي شرعي"، مش عارف الفرق بين ما يعني "رأي له شرعية" وبين "رأي مشتق من الشرع" أي "رأي شرعي". بمعنى كدة كلنا يا إخوان لما نقول رأي مطالبين إنه يبقى "رأي شرعي" أي"منسوب" لـ"شريعة" و"شريعة" هنا مش بتعني "شريعة" إنما بتعني "شريعة إسلامية" . وأنا لما أُنَظِرقائلة: "الشرعية سقطت عن نظام الحكم في مصر" يبقى قصدي إن النظام المصري سقطت عنه الشريعة الإسلامية: شوف إزاي؟؟؟؟ سبحان الله!!شوف قدرة ربك يا مؤمن
حد يلحقني
أنا لا هأتنرفز ولا هأزعل ولا أي حاجة، بس إحنا في مؤامرة حقيقية لابد من التصدي ليها، قبل أن يقضى على آخر واحد لسة عنده عدد من خلايا الدماغ تفوق عدد خلايا دماغ الفأر الذي يا ليته كان لعب في عبي بدري شوية قبل ما أضيع وقتي في الرد على واحد مش عارف الفرق بين "شرعية" و"شريعة". أنا بقى لي عدة شهور في الشرعية بتاعته. مش كان عنده حق اسمه إيه ده لما حد منهم يقوله "صباح الخير" يرد عليه "عرف لي الصباح وعرف لي الخير" . أكيد هو بدأ القاعدة دي من حرقة دم من النوع ده. قعد يتناقش مع واحد شهرين وبعدين اكتشف إنه فاكر الشرعية يعني منسوبة للشريعة.
إل يعمل عقله بعقل حد من القبيلة دي تاني يستاهل إل يجراله ولا يلومن إلا نفسه. تعليقات على مدى ثلاث تدوينات وفي الآخر يطلع فاكر إن "شرعية" يعني من "الشريعة الإسلامية"؟؟؟؟
يا لضياع الوقت وحرق الأعصاب وخيبة الأمل.
Tuesday, March 27, 2007
هه؟!!!
هناك من الناس من لا أفهمه. أولئك الذين يتزوجون من أجل المال مثلا ثم يطلبون الحب، وأولئك الذين يتزوجون من أجل الجمال ثم يطلبون الثقافة. حين تختار خيارا أي عجب في أن تحصل عليه؟ لماذا تتبرم بعدها كأنك فوجئت؟ لا أدري
فقد فوجئنا بتدوينة سيحفظها التاريخ - بسبب التعليقات أكثر من كونه بسبب محتواها - تقول فيها الكاتبة:
سأختار وبلا تفكير العودة إلى عصر الحريم
تفكير إيه يا ست الكل يا سلطانة - الحاجات دي بتعمل هالات سوداء تحت العينين تسرع قوي من انتهاء صلاحيتنا كما يقول الأخ اسمه إيه ده إل فرحان قوي بالتدوينة بتاعتك، فكل سنة بتفرق معاكي
يا سلطانة – يا ست الكل: الحريم "حالة" وليس "عصرا" وهي بالضبط الحالة التي أنت فيها وأنت تنزلين إلى العمل مرغمة تركبين التوك توك لمجرك إنت تلك رغبة بعلك - والبعل هو السيد - أي لمجرد إن تلك رغبة "سيدك". كل ما في الأمر إنك تريدين عصر الحريم وتريدين الاختيار "على مزاجك" وهاذان لا يجتمعان، كمن يرغبون في الزواج لأجل الجنس ثم يطالبون بالثقافة.
فالحرمة هي إنسانة لا خيار لها فيما تعيشه في حياتها، فالسلطانة الحرمة لا تختار أن تكون سلطانة، هم يختارون لها أن تكون سلطانة، والجارية الحرمة لا تختار دورها: أن تكون خادمة فراش أو حمالة حطب. فلو كان نهداها متختخين بما يكفي ومؤخرتها مربربة بما يغري الرجال فالأغلب إن نخاسها سيبيعها خادمة للفراش، وراقصة مخادع، أما لو كان حظها من الدهن أقل ففي الأغلب سينتهي بها الحال إلى حمل الماء والحطب وسلخ يديها في التنظيف والدعك. وعليه فما تطالبين به من الأساس لا يتوافق مع كونك "حرمة". فأول ما يجب أن تفعلينه لتعيشي حالة "الحريم" على حق هي أن تستغني عن حرية الاختيار أو الحلم به.
لا تظني إن الحريم كلهن كن يغسلن ويربين العيال وغبيات. كانت هناك الجارية الفنانة التي تبدع الشعر والموسيقى. إنما فنها أيضا لا يجب أن يخرج عن الخط المرسوم، لخدمة الرشيد والسيد. أي ممكن جدا، ولا أتفق مع المعلقين الذين سألوك لماذا تكتبين، فلا يمنع أبدا أن تكون الحرمة فنانة، بالعكس فهذا يزيد من قيمتها السوقية، مثل التعليم في يومنا هذا.
فلو كنت تنزلين إلى العمل اليوم مجبرة لإن "الرشيد" يأمرك بذلك فأنت من الحريم، كل ما في الأمر إنك لست من الحريم "المدملكة" التي تحفظ تحت الشراشف، إنما الرشيد قرر استخدام نوع مختلف من مجهود جسدك لخدمته أيضا وهو "حمل الماء والحطب" إنما بلغة عصرنا: أن تشاركي بالمال على أعباء الحياة، بينما أنت ترغبين في الربربة والكسل على فراش وثير. وعليه فأنت حرمة بالفعل – الحريم "حالة" وليست "عصرا" كما ابتدأنا. فلا تطلبي ما لا طاقة لك به. أنت حرمة في مكان لا تحبينه ولكي تصلي للمكان الذي تحبين عليك أن تثوري فلا تعودي بعد "حرمة" - فالحرمة لا تثور، إنما تسمع وتطيع وأعتقد إن هذا ما يسمونه "المعضلة". ما عليكي من الكلام إل ممكن يقلق دماغك المتكلفة.
انظر معي أيها المواطن المطحون في معضلات عصرك الطاحنة، ولن أتحدث حتى عن معضلات الإنسانية عموما في كل العصور، إلى الصورة التي رسمتها المعلقة وأيدها الكثير من المعلقين واعترضت عليها تمرحنة نفسها لإنها "خنقة شوية" - انظر إلى تلك الصورة وقل لي بأي غال عليك: إيه ده؟!
"قررت منذ سنوات أن أترك العمل -كنت أعمل طبيبة- وابقى في منزلي لأربي أبنائي على طاعة الله ومحبته. صارت حياتي أشبه بتلك الحياة التي تحلمين بها وتتمنيها لنفسك وللنساء من بنات دينك. أنظف منزلي واطعم ابناءي من خير الله وأنتظر زوجي لأسعده وأدللة وأرتدي له ما غلا ثمنه وخف وزنه لتمتع كل منا بالآخر في الحلال. صديقاتي مثلي ايضا, نقضي وقتنا في تنعيم بشرتنا وتكحيل عيوننا وتستفيد كل منا من خبرات الأخرى"
هو سؤال قليل الحياء شوية... خبرات الأخرى في إيه بالضبط؟
أضيعت فرصة تعلم حرفة هامة كالطب في بلد ينهكه المرض على شخص آخر كان يمكن أن يشفي أدواءنا لكي تتفرغي لتنعيم بشرتك وتكحيل عيونك؟ استعملت الفسيولوجي لتعلم فنون تقشير البشرة ونزع شعرها؟ ومهاراتك الجراحية في إزالة البقع الحمراء التي تبقى بعد استعمال الحلاوة؟ وعزة جلال الله هذه الأمة ستنهض، ستنهض رغم كيد الكائدين ولو كره الكارهين، فمشكلتها الحقيقية هي إن بشرة ستاتها "مقشفة" شوية، وفور أن تنعم البشرة وتكتحل العيون ستنهض ... وستفخر الأمة بستاتها النواعم، المتفرغات لتكحيل العيون وطبخ الحلاوة وارتداء ما خف حمله وغلا ثمنه. عار عليك يا من تقول إن أمة هذه أحلامها وأهدافها ستبقى في ذيل الأمم حتى يقضي الله أمرا كان مفعولا. فكيف سنقابل تحديات الإنسانية المتزايدة كل يوم؟ ببشرات مشعرة جافة وعيون ذابلة وقمصان نوم دبلان من بتاعة الكساء الشعبي؟ خسئت وثكلتك أمك: سنقابلها ناعمات بضات، ملط مكتحلات، مرتديات ما أبدعه الكافر شانيل من ما شف وخف. وسنبقى ندعو النساء اللائي يفضلن خشونة العمل الجاد على نعومة البشرة الكسولة، ويفضلن قضاء أوقاتهن في أمور جانبية مثل السياسة أو العلوم أو حتى القراءة حتى يسمعن، سندعوهن إلى اجتماعاتنا وصديقاتنا حيث تساعد كل منا الأخري في نزع شعر المناطق الصعب الوصول إليها، وما إن يشعرن كيف أصبحت ظهورهن وأفخاذهن من الخلف ناعمة في تلك المناطق التي يحب الرجال اعتصارها فسيدركن الحقيقة الغائبة: ما إن نملس بشرتنا جميعا "سيتزحلق" عليها الزمن ويعيدنا إلى حيث ننتمي: عصور ما قبل اختراع بني آدم.
"سمعتيني بدب المفتاح في الباب و حتحضريلي الغداء، ماحنا زي ما احنا عارفين كيانك مش معناه انك تنسي انك مرأه و شرع الله بيأمرك انك تاخدي بالك من جوزك، و طبعا علي ما انام بعد الغداء و يدوب تكوني لميتي الغسيل حتلاقي عيالك صحيولك زي القرود و تبتدي تذاكرلهم، و طبعا انا لما أقوم من النوم حتقوليلي تعالي كملهم مذاكرة لحد ما أطبق الغسيل و علي ما اذاكرلهم ساعة حتكون الساعة جت سبعة ولا تمانية وتلاقي العيال فتحوا بقهم عايزين عشاء و طبعا حتحضري ليهم و ليا و بعد كدة حتخشي تغسلي المواعين و بما اني راجل متعاون حدخل انا انيمهملك يا ستي ولا تشغلي بالك بس حطي بقي في بالك ان بعد ما كل الفيلم ده يخلص انتي مطالبة بواجب مسائي خاص جدا يحتاج مجهود خاص و موود خاص يفترض انه يكون موود لذيذ بس طبعا بعد يوم طويل زي ده ابقي قابليني لو كنتي فاكرة انتي اسمك ايه اساسا مش حتي موود عادين و استحملي بقي يا حلوة الكلام ده كل يوم و ابقي قابليني لو عند سن الخمسة وتلاتين مبئاش شكلك بنت خمسة و اربعين و انتوا مشاء الله كل سنة بتفرق معاكوا أوي و ساعتها بقي ابقي سلميلي علي كيانك و صدق اللي قال اللي يحب الدح مايقولش أح،"
وتقوليلي عايزة ترجعي عصر الحريم؟! أمال ده عصر إيه يا أمي؟ لما واحد بني آدم زيه زيك بيقولك تشتغلي خدامة على مزاجه، وبعدين "إنت مطالبة بواجب مسائي"، مافيش حاجة اسمها "موود" طالما فيه "مطالبة" يا محترم. وبيتكلم كإنه بيقول حكم، حكم، وكإن إل بيقوله ده مثلا: منطقي وطبيعي ومافيش خلاف عليه، وإزاي إحنا البهايم مش شايفين الحكمة في إل هو بيقوله. وسؤال الحلقة هو نفس سؤال كل الحلقات إل فاتت: إيه إل بيخلي الراجل لمجرد إنه مدلدل كيس وماسورة بين رجليه يفتكر إن هو معفى من كافة مسئولياته عن نفسه من إطعام نفسه وإلباس نفسه وتنظيف نفسه وعايز حد لا مؤاخذة يشدله السيفون بعد ما لا مؤاخذة يستعمل الماسورة في لا مؤاخذة أي وظيفة حيوية يعني كدة ولا كدة؟ وعمال يتأمر كأنه مثلا جاب التايهة وأهدى البشرية عمل عظيم يستحق عنه أن يخدمه إنسان آخر خدمة العبيد. المرة دي هأرد أنا على السؤال: عشان فيه ست بتروح تشدله السيفون، بعد طبعا ما تكون قضت اليوم "مع صديقاتها" بتنتف شعر بطنها عشان تبقى ناعمة وهي لابسة قميص النوم البمبة المسخسخ أبو فتحة في النص، عشان هي "مطالبة بواجب مسائي خاص جدا عايز موود خاص جدا" وإل ما يعملش الواجب الأبلة تضربه على إيديه في المدرسة تاني يوم، وبعدين يا ستي "كل سنة بتفرق معاكو قوي"، يعني صلاحيتك بتخلص بسرعة وما ينفعش فيكي لا شفاف ولا خفاف، والحلاوة ما تلزقش عالجلد المكرمش، ده مثل مقابلة لمثلك الخلاب: "إل يحب الدح ما يقولش أح". إيه الحكم دي؟ وده يا ترى من الأمثلة إل كان جمعها تيمور باشا ولا ده مجهود شخصي؟
إزاي فيه بني آدم عنده شوية دم - شوية بس مش كتير - يتصور إنه من حقه إنه يستعبد إنسان تاني بالشكل ده وبالفجاجة دي؟ بتدب المفتاح في الباب تحضرلك الأكل؟ على أي حال الست إل بتعمل كدة تستاهل إنه يتعمل فيها كدة. الرجالة والستات يستاهلوا بعض
"متقلقيش لو الست اطلقت و أترمت في الشارع ساعتها لها رب اسمه الكريم و هو يمهل ولا يهمل و بعدين بلاش استهبال و النبي عشان شغل ايه ده اللي في مصر اللي يجيبلها فلوس حتعرف تحوش منها عشان لو أتطلقت تصرف علي نفسها هي و عيالها، هو حلو عليها تشتغل لحد لما نصيبها يجي و بعد كده تؤعد ف البيت و علي رأي المثل اللي عنده معزة يلمها"
كل المعيز بيتك بيتك: عايزة تحصلي حرمة، أديكي بقيتي معزة مش حرمة بس. زعلتي ليه يا تمر حنة من إل قال – عذرا – جاموسة: المعزة عجبت والجاموسة لأ؟ طيب ده حتى الجاموسة أفيد من المعزة: الجاموسة منتجة لبن أكثر وأفيد وولادة، إنما المعزة معزة مهما كان. ثم يا أخ إذا كان لها رب اسمه الكريم، أمال العيال إل مترمية في الشارع دي مش لاقية تاكل دي جاءت منين؟ من حتة تانية مالهاش رب اسمه الكريم؟
"بعدين ترجع هى تاخد شاور كمان في الروقان عقبال لما الخدم يجهزوا الأكل عشان جوزها قرب يرجع و هى يقعد بعد الشاور تظبط نفسها م المكياج و تستخدم احسن و ارقى الانواع و اغلاها و لما جوزها يرجع يتغدوا و يعشوا حايتهم بأه يا اما خروج يا اما هوم سينيما و في نفس الوقت الاولاد يكونوا رجعوا من المداؤس الانترناشيونال عاملين الوورك بتاعهم و جايين راقيين يلعبوا حبه مع ابوهوم و امهم ."
الأخ ده بقى أروق بكتيييييييييير وهو نفس الأخ إل فوق على فكرة: ست واحدة: أخدت اثنين شاور في أربع ساعات منهم واحد بالجاكوزي، مع إنها ما عملتش حاجة طول النهار غير إنها ضبطت الماكياج "الغالي" وقال إيه: راحت المكتبة تشتري رواية جديدة "مافيش مانع"، يا راجل كتر خيرك هي كمان هتقرا؟ بيقولك القراية وحشة على المعيز.
إنما سؤالي هو: ويا ترى "الخدم" إل حضروا الغدا دول من الرجال أم من النساء؟ إذا من النساء يا ترى اشمعنى هن؟ وإذا من الرجال: طيب وزوجاتهم مين بيخدمهم عشان يأخدوا اتنين شاور في اليوم ويتفرجوا على هوم سينما بالليل؟ أصحاب العقول في راحة.
والدرة الأخيرة من نفس التعليق:
"و احترامي الخاص لكل مرأه عاملة عشان تأكل عيالها و تحميهم مش عشان تحقق ذاتها أل ذاتها ستين نيلة"
"نا مش معجب بالبوست علشان أنا راجل .. أنا معجب بيه لأنه منطقي وموضوعي وعقلاني"
ده أرسطو اتقلب في تربته أول ما قلت "منطقي". يا سيد المنطق ده علم، ليه شروط، زي "فيزيائي" كدة، ما يتقالش على أي كلمتين وخلاص، هو أرسطو كان ناقصك إنت كمان؟
"بس الاول البيت..و التاني البيت..ة التالت البيت..بعد كده هي حرّه في اولوياتها"
وليه الكرم ده كله؟ وفيه حاجة معينة لازم تأكلها ولا ليها حرية الاختيار؟ الأول سبانخ والتاني سبانخ والتالث سبانخ وبعد كدة – عداك العيب – هي حرة في اختياراتها. هممممممم
مين إداكو الحق يا "نطع" منك له تقولوا للست أولوياتها إيه؟
******************************
يا سيدتي تمر حنة، أنا لم أقرأ التدوينة فحسب إنما قرأت ردودك على المعلقين، وعلى أي حال أظن إنك قصدتي ألا تكون المرأة مجبرة على العمل، إلا إن فكرتك على ما يبدو مشوشة جدا، ذكرتني بتلك المقولة الرائعة:
ليس أسوأ من تصور حاد لفكرة مشوشة
كلنا نريد أن نستريح ولا نعمل إلا ما نحب، والإنسان مضطر لكسب رزقه. وكسب الرزق كثيرا ما يرتبط بأعمال لا نحبها، وستظل تلك واحدة من صراعات الإنسان. أما أن تصفي عصرا امتلك فيه الانسان حرية انسانا آخر بهذه الرومانسية وكإنه الحلم فهذا تبسيط مخل لمسألة ليست على الإطلاق بتلك البساطة. كم من امرأة كانت تسحق لخدمة "هودج واحد"؟ هل هذا هو ما تتمنين لللانسانية؟
يا ست تمر حنة: دائما سيبقى واضحا الفرق بين "الحرة" و"العرة". الحرية لها طريقتها الخاصة في أن تفضح نفسها. يبقى فحسب أن ندرب أعيينا على الرؤية.
Saturday, March 17, 2007
التأمل في نشوء المهن والحرف قد يكون أمرا مثيرا، وقد يسوقك التفكير بينما تتمشين على الرصيف المتكسر عادة إلى أفكار كثيرة تؤدي إلى هز رأسك والتساؤل: إذا كان الأمر سهلا هكذا ولا يتطلب سوى التمشي على الرصيف فكيف يفوت حجج المجتمع وكباره؟
فالمهن والحرف نشأت لما احتاج المجتمع لتبادل الخبرات والمجهود أو كليهما، كانت بسيطة في المجتمع البدائي، وتنصب أصلا على مهارات فطرية في الانسان يحتاجها لممارسة حياته اليومية حتى لو كان بمفرده: استخدام قوة العضلات، الحصول على الطعام، الحماية من الخطر، بناء المأوى وما شابهها. إلا إن تعقد المجتمع وتطور الانسان فرض أمرا بدا غريبا، هو الاحتياج لمهن تجافي الفطرة، والفطرة هي القيم البدائية التي تجمع الانسان وباقي الثدييات وإن كان الانسان
يعقدها بعد الشيء، وتطور الانسان لم يكن شيئا سوى الخروج عن الفطرة وأسرها واكتشاف آفاق جديدة. وحتى يومنا هذا ما يزال باستطاعتك أن تقسمي المهن إلى نوعين: نوع يعتمد على مهارات "فطرية" وأخرى تعتمد على مهارات "تجافي الفطرة". وببعض الملاحظة اللطيفة تجدين إن أصحاب الأخيرة يحظون بتقدير وبتعويض أعلى في المتوسط من إخوانهم أصحاب المهن المعتمدة على مهارات لا تجافي الفطرة في شيء. بل وربما لو أسهبت في التأمل لوجدت إن نشوء عدد من تلك المهن ارتبط بعمل أصحابها بالسحر والظن بارتباطهم بقوى فوق طبيعية.
فمهنة كالطب مثلا تجافي ما فطر عليه الانسان والحيوان من الهرب من المرض وأصحابه حفاظا على بقائهما وسلامتهما. وتحفل كل الحضارات بأنظمتها الخاصة بعزل المرضى وحكمة الابتعاد عنهم. وارتبط نشوء الطب بالسحرة والكهنة، أي أولئك المرتبطين بقوى فوق طبيعية. ومازال ذلك ظاهرا في تدريب الأطباء حتى اليوم، إذ يحتاج الأمر تدريبا طويلا أن يعتاد الأطباء الصغار منظر الدم والألم والجروح، معاكسين فطرة الهروب منها حفاظا على سلامتهم الشخصية. وبالطبع يتخذ الأطباء الاجراءات اللازمة للحفاظ على سلامتهم ولا يخشون عليها، وبرغمه، تبقى الفطرة تدق في بداية تمرنهم كأطباء حتى يعتادون الأمر ويقهرون الفطرة. ويتطلب الأمر وجود أستاذ قطعت شوطا لتسوق اليافعين في الطريق.
ومن المهن التي تجافي الفطرة أيضا مهن الانقاذ: هل من الطبيعي أن يكون الإنسان مكافحا للحرائق؟ أبدا! الفطرة تقتضي، وبحكم التكوين العصبي أيضا أن يهرب الانسان من اللهب بأقصى ما يستطيع. أول توصيات الأمان في الحرائق هي: اتركي كل شيء واخرجي فورا: لا تبحثي عن شيء، لا تلبسي شيء، لا تأخذي معك شيء، لا تحاولي مكافحة حريق ليس محصورا في عبوة أو حدود مادية ضيقة: فقط اهربي! مكافحو الحرائق يفعلون العكس تماما: بينما يبتعد الجميع عن اللهب يقتربون. هم مسلحون بأدواتهم ومهاراتهم؟ قطعا – وقد تدربوا على ذلك: دربهم أساتذتهم على مجافاة الفطرة وتحدي الحريق. ومنهم من يموت نتيجة مهنته، ولا يكفون رغم ذلك عن تحدي الفطرة وتحدي اللهب. يصاب الأطباء بالعدوى ومازالوا يتحدون الفطرة. قيسي على ذلك كافة مهن الانقاذ، وكافة أنواع الرياضات القاسية، وترويض الحيوان، ومهن التنقيب، والإبحار، وريادة الفضاء وغيرها.
ولهذه الأسباب المطولة بأعلى وجدتني في حيرة من ذلك التساؤل الغريب – وغريب كلمة مهذبة – والذي عرضته مجموعة من فطاحل القضاء. فحواراتهم تبدأ بجمل من نوع: هل تصلح المرأة أن تكون قاضية؟
وهو تساؤل أظن إن الانسانية وصلت لاجابته من قبل أن تكون العدالة أنثى، قادرة على أن تمسك ميزانا متوازي الكفتين بعينين معصوبتين، إنما حسنا أيها السادة، ومادمتم تصرون على ما أوجع قلوبنا لأسباب تخص مهنتكم نفسها وثقتنا في "عدالة حكمكم" و"عزوفكم عن الهوى" و"اللين وراء رغبات المجتمع المدللة"، فاسمحوا لنا. فالتساؤل من العامة وأصحاب المهن الأخرى كفة وتساؤلكم كفة أخرى. موجعة. اسمحوا لنا أن نسأل السؤال مصوبا:"هل يصلح الانسان أن يكون قاضيا؟"
والإجابة المغلظة: لا. لايصلح. فأنتم تسألون عن الانسان في المطلق: والانسان في المطلق لا يصلح قاضيا. وعليه فالرجل في المطلق لا يصلح قاضيا. وعليه فالمرأة في المطلق لا تصلح قاضية. فالقضاء يتطلب مجافاة الفطرة التي تميل وتهوى، والعاطفة التي تستلطف وتأنف، والميل الذي يسوقنا نحو أناس دون غيرهم، ونظرة شاملة شبيهة بنظرة الفلاسفة والتي تجافي الفطرة أيضا في النظر الضيق للمسافة المحيطة بنا فحسب، حماية ليومنا وقوته. يجافي الفطرة في أن يعزف الانسان عن استغلال سلطة وحظوة لمنافع شخصية. وكلها صفات بعيدة عن "فطرة الانسان" غير المنقحة. وأنتم أول من يعرف ذلك عن تأكيد: وإلا لماذا تدققون وتمحصون وتفحصون المتقدمين بدقة وقسوة، وتدربون وتشرفون وتتركونهم يترقون في السلم ببطء وتدققون كل يوم على صفات من نوع: الحيدة والنزاهة والعزوف عن الاشتراك في أي نشاط يلوث نزاهتكم المفترضة في كافة وسائل الإعلام المتاحة؟
وعليه يا حضرات المستشارين فالتساؤل ملتو ومغرض. فنحن لم نأخذ عليكم كذكور حجة إن عم عزوز البقال لا يصلح قاضيا ولا مستشارا لإنه لم يتلق تدريبا ولا تعليما ولا يقرأ ولا يكتب. والإقرار بإن المرأة لا تصلح قاضية لكونها امرأة فحسب يشبه الإقرار بإن عم عزوز الطيب السابق ذكره يصلح قاضيا لكونه ذكرا فحسب. ولم نأخذها عليكم دلالة إن الرجال لا يصلحون قضاة إن شادي جارنا يضرب زوجته وعياله ويشرب الحشيش حتى ينسى اسمه. إنما "العدل" و"الحق" هو أن تعطوا النساء نفس الفرص التي تعطونها لزملائهم من الذكور وتصل منهم من "تتحور" لتصبح "خامة قاضية" وتفشل منهم من تفشل لما تعجز عن "التحور"، مثلها مثل زملائها من الذكور الذين "يعجزون عن التحور" لا تخرج منهم أبدا "خامة قاض".
لنتطرق أكثر للتفاصيل وهو حديث ذو شجون. فمحاولتكم للتبرير تجافي موازينكم المفترض عدالتها. أليس كل الناس من حيث المبدأ أمام القاض سواء؟
فمن المقلق أن يخرج قضاة محترمون بقول من نوع: إن المرأة عاطفية بطبعها. ويحيرنا ذلك لافتراضكم أن القاضي لو كان عاطفيا "بطبعه" فسيحكم "بطبعه". وسبب ثقتنا فيكم هو تأكدنا إنكم تدربتم ألا تحكموا "بطباعكم" إنما بالعدل والقانون. فحتى لو سلمنا بتلك الفرضية التي نرفضها "فالطبع" ليس مقياسا للصلاحية للقضاء إنما القدرة على"تنحيته" هي المقياس. وفي هذا الوقت المحير من تاريخ مصر حيث يحكم قضاة "بالهوى" أكثر بكثير مما كنا نرضى وبمخالفة القانون عيانا أحيانا - لا داعي للخوض في هذا الشأن فالكل يعلمون - في هذا التوقيت بالذات يبدو الحديث عن "عاطفية المرأة" نوعا من العبث: عالجوا أمراض القضاة الخاصة من الميل والهوى وعندئذ تستطيعون أن تدرسوا عاطفة المرأة "منزهين" عن "ميلكم وهواكم" العازف عنها.
كنت أتمنى أن أذكر اسم القاضي الذي أطلق القول: "إن منظر المرأة الحامل يخل بهيبة القضاء". للأسف لا أذكر. أتعاير المرأة يا قاضي العدل بالحمل؟ أتخل الأمومة بهيبة القضاء؟ كفوا إذن عن بيع سلعكم الفاسدة للنساء عن كون "الأم مدرسة" و"أقدس وظيفة تقوم بها المرأة" و"الجنة التي تقع تحت أقدامهم". فالحقيقة هي إنكم تحتقرون الوظيفة وصاحبتهما وأنتم ومجتمعكم تنتهزون كل فرصة أن تستغلوا "الوظيفة المقدسة" للإقلال من شأنها وحرمانها من الفرص وهو نوع من النفاق المخزي، والمخزي أكثر لصدوره منكم، وإن كان ليس بالمستغرب، فأنتم تحكمون كل يوم بقانون يحقر المرأة ويحرمها العدل والمساواة بمن هم أقل منها وليس حتى بمن في مستواها لمجرد إنهم يهزون خصيتين بين ساقيهم. ما لا أفهمه ولا أجد له سببا هو أن تشتري المرأة من المجتمع تلك السلعة الفاسدة وتصدق إن كونها أما هو مصدر احترام بينما هن يعايرن بكل ما يحيط بالأمومة من صفات جسدية: دورة هرمونية وحيض وولادة ونفاس ومعايرة باسم الأم وبالأم نفسها. متى سيستفقن أم استمرأن الغيبوبة؟
"غرفة المداولة خلوة شرعية"!!!!!!
مادمنا بدأنا بالتسليم بفرضياتكم فلماذا لا تخرج "أنت"؟!!! ألست طرفا في "الخلوة الشرعية" يا قاضي العدل؟!! لماذا تحرم المرأة بموجبها من حق وتأخذه أنت؟ أم إن العادة إن "الحق" للذكور و"المنحة" للإناث؟ خذوا منحكم وعطاياكم، ما نريده هو العدل وشقيقته اللصيقة المساواة وليس المنن. وبالتسليم أيضا بفرضيتكم "الغريبة" على أحسن تقدير: فكم مرة يتواجد "قاضيان" فحسب في غرفة المداولة؟ ومتى كان غرفة المداولة مغلقة بالأقفال؟ وماذا عن الطبيبات اللائي يفحصن مرضى من الرجال في غرف كشف مغلقة؟ أتصطحب معك ثالثا أم إنك من أولئك الذين لا يزورون الطبيبات النساء أصلا لكونهن غير كفء مهما تساوين مع زملائهم في التدريب والألقاب؟
ويبدو الحديث عن اضطرار معاون النيابة ووكيلها للخروج ليلا والذهاب إلى أماكن الجرائم وعدم قدرة المرأة على ذلك مدهشا في هذا الزمن. أضف عليه إن المرأة "ستفزع" حين ترى الجثث الممزقة!! ألا يعلمون إن الطب الشرعي في مصر تخصص "نسائي" – أي تسوده الإناث - مثله مثل طب التحاليل؟ أي إن النساء ترين الجثث الممزقة ولا يفقدن الوعي من الخضة فلا تقلق عليهن ووفر رقة القلب هذه لمتهم مظلوم. والطبيبات يخرجن كل يوم ليلا لأعمالهن، وطبيبات الولادة مثلهن مثل الأطباء الرجال يعملن في مجال متخصص في الفجر والساعات المتأخرة من الليل ولم يشتكين بل ويدافعن باستماتة عن وظائفهن من الزحف الذكوري غير المبرر.
وأحد المستشارين يتساءل كيف ستستقيم الحياة إذا كان القاضي لا يعين في مدينته وينقل كل خمس سنوات إلى مدينة أخرى مطمئنا إلى إن الزوجة في البيت ترعى العيال. ألم تسمع يا سيدي بذلك السلك المسمى "السلك الدبلوماسي؟"!!! فالنساء فيه ينقلن خارج الوطن كله كل أربع سنوات. ألم يبحث أحد مثل تلك التفاصيل قبل أن يتحدث في وسيلة إعلامية واسعة الانتشار كالتلفاز؟ وتكليف الطبيبات؟ والباحثات في بعثات؟ الحياة الأسرية تتكون من اثنين يا أخي، يدبر فيها اثنين أمورهم بالشكل الذي يرتضيانه وحسب ما يرغبان فيه، وليس دوركم أن تحملوا هم "العائلات". دوركم أن تتيحوا الفرص وتتنحوا عن إعاقة الطريق وتوفروا – مرة أخرى – رقة القلب غير المبررة لمتهم مظلوم. وحتى لو سلمنا بتساؤلكم غير المبرر وأجبناه: فما ذنب غير المتزوجات؟ تسعة ملايين كما يشيعون؟ وما ذنب من ليست لديها أولاد؟ وما ذنب من لديها من يرعى الأولاد؟ وما ذنب من يتعاون معها زوج يدرك إن دوره في تربية الأولاد ليس بأي حال أقل من دورها؟ ما ذنبهن لتأخذهن بفرضية وضعتها أنت أيها الذكر المتعالي؟
ويسوقنا الموضوع كله مرة أخرى في مسألة المرأة إلى تلك الفرضية التي تقضي بإن العالم ينتهي في آخر شارعنا. فأنت تتساءل عن الصلاحية وكأننا سنعرض لتجربة جديدة! يا سادة ويا سيدات: أنظر حولك! المرأة قاضية في دول إسلامية ومسيحية ويهودية ولا دينيه! لستم تستكشفون منطقة بكر بهذا الشأن. إن كنتم تبغون حرمانها من حق لها تحت مسمى ما فصرحوا ولا تكتموا، أما أن تغلفوا ذلك بتساؤل مائع مثل: "هل تصلح المرأة أن تكون قاضية؟" فهو استخفاف بعقولنا التي تعرف – لو أرادت أن تعرف – إن المرأة في دولتين قريبتين جدا من "شارعنا" – أي ليس في أميركا ولا الصين - تعتلي منصة القضاء بنجاح منذ عقود: لبنان والسودان الشقيق في الذكورة والهم.
على الهامش:
سيادة المستشار أحمد مكي: ساءنا وحز في نفوسنا وأحزننا قيادتكم لجبهة الوسط في القلق من إعطاء المرأة حق تأخر قرون. وساءتنا أكثر مبرراتكم إذ إنكم وبسبب مواقفكم في العامين الماضيين كنتم رمزا لما نحب ونرجو أن يكون القاضي عليه. عجزنا عن فهم تساؤلكم حول "زي المرأة" في القضاء وكيف يكون، إذا بدا تساؤلكم سطحيا يمس قشور الأمور، فتساؤلكم إن كانت ستشبه "فتيات الإعلان" يقابله تساؤل عن سبب عدم مشابهة زي القاضي الرجل لأزياء "فتيان الإعلان"، كما تعجبتم إن كانت ثلاثة نساء سيجلسن على المنصة إحداهن كاشفة الشعر والأخرى محجبة والأخرى منتقبة، ولم نفهم العجب في اختلاط ثلاث أشكال من الزي على منصة القضاء، وإن كنا نعترض معكم أن يغطي القاضي وجهه إذ إن المحكوم لابد وأن يري وجه من يحاكمه، أما أشكال الزي الأخرى فلا نرى في اختلاطها عجبا، وإن كان الأمر يعنيكم كثيرا فالقضاة كانوا في عصور يرتدون رداءا موحدا، وهو ليس بالأمر الذي يجوز تعطيل العدل لأجله. وسمعنا منكم عبارات عن كراهية الغرب للإسلام وسعيه لتلك الخطوة لإخراج المجتمع عن تقاليده الإسلامية. قلتم ذلك على قناة الجزيرة بعد أن شفعتموه بمقدمة عن إن الإسلام لا يمنع في الفقة المنقى من تولي المرأة القضاء، وعليه لم نفهم فكرتكم ولم نستقي منها سوى المزيد من الإرباك لمجتمع أفكاره مرتبكة أصلا، يعجز عن المصالحة بين المنطق والنزعات الدينية. أويحاول الغرب إخراجنا عن ديننا بتشجيعنا على إعطاء المرأة حق أخذته النساء في مجتمعات إسلامية عدة؟ أتلك مؤامرة خارجية على الإسلام أم مؤامرة داخلية؟
حسن في أعيينا أن ذكرتم المجتمع بالحكم المخزي في قضية الدكتورة عائشة راتب، والذي أقر بأن القانون لا يمنع وإنما المجتمع وهواه يمنع فسجل حكما تاريخيا "للهوى" عوضا عن العدل و"للميل" عوضا عن الحياد. انتهى.
إن ما حدث بدون مناسبة مفهومة من تعيين إحدى وثلاثيين قاضية بشكل غير طبيعي ومناف للطريق المعروف الذي يسلكه الذكور من خريجي كليات الحقوق، لا يُعتبر إنجازا ولا فتحا، إنما هو توكيد على عدم طبيعية ترقي المرأة منصة القضاء، وظلم للدفعات من خريجات كليات الحقوق التي حرمت من التقدم لامتحان التعيين من نفس الدفعات التي عينت الآن بشكل مبتسر. بل ويزيد عليه إن القاضيات المعينات تم اختبارهن باختبارات تحريرية وشفهية لا يمر من مثلها زملائهن من الذكور. فبقاء الأمور بهذا الشكل تبقى منحة ومكافأة ليس لها من سبب معين، تسيء لقضية عادلة لمواطنين يستحقون العدل وليس المنحة والمساواة وليس المنن.
عم عزوز لن يصلح قاضيا أبدا في الأغلب مهما حاولتم. وأي من قاضيات السودان أو لبنان ستصلح قاضية في مصر أيضا – في الأغلب.