هه؟!!!
هناك من الناس من لا أفهمه. أولئك الذين يتزوجون من أجل المال مثلا ثم يطلبون الحب، وأولئك الذين يتزوجون من أجل الجمال ثم يطلبون الثقافة. حين تختار خيارا أي عجب في أن تحصل عليه؟ لماذا تتبرم بعدها كأنك فوجئت؟ لا أدري
فقد فوجئنا بتدوينة سيحفظها التاريخ - بسبب التعليقات أكثر من كونه بسبب محتواها - تقول فيها الكاتبة:
سأختار وبلا تفكير العودة إلى عصر الحريم
تفكير إيه يا ست الكل يا سلطانة - الحاجات دي بتعمل هالات سوداء تحت العينين تسرع قوي من انتهاء صلاحيتنا كما يقول الأخ اسمه إيه ده إل فرحان قوي بالتدوينة بتاعتك، فكل سنة بتفرق معاكي
يا سلطانة – يا ست الكل: الحريم "حالة" وليس "عصرا" وهي بالضبط الحالة التي أنت فيها وأنت تنزلين إلى العمل مرغمة تركبين التوك توك لمجرك إنت تلك رغبة بعلك - والبعل هو السيد - أي لمجرد إن تلك رغبة "سيدك". كل ما في الأمر إنك تريدين عصر الحريم وتريدين الاختيار "على مزاجك" وهاذان لا يجتمعان، كمن يرغبون في الزواج لأجل الجنس ثم يطالبون بالثقافة.
فالحرمة هي إنسانة لا خيار لها فيما تعيشه في حياتها، فالسلطانة الحرمة لا تختار أن تكون سلطانة، هم يختارون لها أن تكون سلطانة، والجارية الحرمة لا تختار دورها: أن تكون خادمة فراش أو حمالة حطب. فلو كان نهداها متختخين بما يكفي ومؤخرتها مربربة بما يغري الرجال فالأغلب إن نخاسها سيبيعها خادمة للفراش، وراقصة مخادع، أما لو كان حظها من الدهن أقل ففي الأغلب سينتهي بها الحال إلى حمل الماء والحطب وسلخ يديها في التنظيف والدعك. وعليه فما تطالبين به من الأساس لا يتوافق مع كونك "حرمة". فأول ما يجب أن تفعلينه لتعيشي حالة "الحريم" على حق هي أن تستغني عن حرية الاختيار أو الحلم به.
لا تظني إن الحريم كلهن كن يغسلن ويربين العيال وغبيات. كانت هناك الجارية الفنانة التي تبدع الشعر والموسيقى. إنما فنها أيضا لا يجب أن يخرج عن الخط المرسوم، لخدمة الرشيد والسيد. أي ممكن جدا، ولا أتفق مع المعلقين الذين سألوك لماذا تكتبين، فلا يمنع أبدا أن تكون الحرمة فنانة، بالعكس فهذا يزيد من قيمتها السوقية، مثل التعليم في يومنا هذا.
فلو كنت تنزلين إلى العمل اليوم مجبرة لإن "الرشيد" يأمرك بذلك فأنت من الحريم، كل ما في الأمر إنك لست من الحريم "المدملكة" التي تحفظ تحت الشراشف، إنما الرشيد قرر استخدام نوع مختلف من مجهود جسدك لخدمته أيضا وهو "حمل الماء والحطب" إنما بلغة عصرنا: أن تشاركي بالمال على أعباء الحياة، بينما أنت ترغبين في الربربة والكسل على فراش وثير. وعليه فأنت حرمة بالفعل – الحريم "حالة" وليست "عصرا" كما ابتدأنا. فلا تطلبي ما لا طاقة لك به. أنت حرمة في مكان لا تحبينه ولكي تصلي للمكان الذي تحبين عليك أن تثوري فلا تعودي بعد "حرمة" - فالحرمة لا تثور، إنما تسمع وتطيع وأعتقد إن هذا ما يسمونه "المعضلة". ما عليكي من الكلام إل ممكن يقلق دماغك المتكلفة.
انظر معي أيها المواطن المطحون في معضلات عصرك الطاحنة، ولن أتحدث حتى عن معضلات الإنسانية عموما في كل العصور، إلى الصورة التي رسمتها المعلقة وأيدها الكثير من المعلقين واعترضت عليها تمرحنة نفسها لإنها "خنقة شوية" - انظر إلى تلك الصورة وقل لي بأي غال عليك: إيه ده؟!
"قررت منذ سنوات أن أترك العمل -كنت أعمل طبيبة- وابقى في منزلي لأربي أبنائي على طاعة الله ومحبته. صارت حياتي أشبه بتلك الحياة التي تحلمين بها وتتمنيها لنفسك وللنساء من بنات دينك. أنظف منزلي واطعم ابناءي من خير الله وأنتظر زوجي لأسعده وأدللة وأرتدي له ما غلا ثمنه وخف وزنه لتمتع كل منا بالآخر في الحلال. صديقاتي مثلي ايضا, نقضي وقتنا في تنعيم بشرتنا وتكحيل عيوننا وتستفيد كل منا من خبرات الأخرى"
هو سؤال قليل الحياء شوية... خبرات الأخرى في إيه بالضبط؟
أضيعت فرصة تعلم حرفة هامة كالطب في بلد ينهكه المرض على شخص آخر كان يمكن أن يشفي أدواءنا لكي تتفرغي لتنعيم بشرتك وتكحيل عيونك؟ استعملت الفسيولوجي لتعلم فنون تقشير البشرة ونزع شعرها؟ ومهاراتك الجراحية في إزالة البقع الحمراء التي تبقى بعد استعمال الحلاوة؟ وعزة جلال الله هذه الأمة ستنهض، ستنهض رغم كيد الكائدين ولو كره الكارهين، فمشكلتها الحقيقية هي إن بشرة ستاتها "مقشفة" شوية، وفور أن تنعم البشرة وتكتحل العيون ستنهض ... وستفخر الأمة بستاتها النواعم، المتفرغات لتكحيل العيون وطبخ الحلاوة وارتداء ما خف حمله وغلا ثمنه. عار عليك يا من تقول إن أمة هذه أحلامها وأهدافها ستبقى في ذيل الأمم حتى يقضي الله أمرا كان مفعولا. فكيف سنقابل تحديات الإنسانية المتزايدة كل يوم؟ ببشرات مشعرة جافة وعيون ذابلة وقمصان نوم دبلان من بتاعة الكساء الشعبي؟ خسئت وثكلتك أمك: سنقابلها ناعمات بضات، ملط مكتحلات، مرتديات ما أبدعه الكافر شانيل من ما شف وخف. وسنبقى ندعو النساء اللائي يفضلن خشونة العمل الجاد على نعومة البشرة الكسولة، ويفضلن قضاء أوقاتهن في أمور جانبية مثل السياسة أو العلوم أو حتى القراءة حتى يسمعن، سندعوهن إلى اجتماعاتنا وصديقاتنا حيث تساعد كل منا الأخري في نزع شعر المناطق الصعب الوصول إليها، وما إن يشعرن كيف أصبحت ظهورهن وأفخاذهن من الخلف ناعمة في تلك المناطق التي يحب الرجال اعتصارها فسيدركن الحقيقة الغائبة: ما إن نملس بشرتنا جميعا "سيتزحلق" عليها الزمن ويعيدنا إلى حيث ننتمي: عصور ما قبل اختراع بني آدم.
"سمعتيني بدب المفتاح في الباب و حتحضريلي الغداء، ماحنا زي ما احنا عارفين كيانك مش معناه انك تنسي انك مرأه و شرع الله بيأمرك انك تاخدي بالك من جوزك، و طبعا علي ما انام بعد الغداء و يدوب تكوني لميتي الغسيل حتلاقي عيالك صحيولك زي القرود و تبتدي تذاكرلهم، و طبعا انا لما أقوم من النوم حتقوليلي تعالي كملهم مذاكرة لحد ما أطبق الغسيل و علي ما اذاكرلهم ساعة حتكون الساعة جت سبعة ولا تمانية وتلاقي العيال فتحوا بقهم عايزين عشاء و طبعا حتحضري ليهم و ليا و بعد كدة حتخشي تغسلي المواعين و بما اني راجل متعاون حدخل انا انيمهملك يا ستي ولا تشغلي بالك بس حطي بقي في بالك ان بعد ما كل الفيلم ده يخلص انتي مطالبة بواجب مسائي خاص جدا يحتاج مجهود خاص و موود خاص يفترض انه يكون موود لذيذ بس طبعا بعد يوم طويل زي ده ابقي قابليني لو كنتي فاكرة انتي اسمك ايه اساسا مش حتي موود عادين و استحملي بقي يا حلوة الكلام ده كل يوم و ابقي قابليني لو عند سن الخمسة وتلاتين مبئاش شكلك بنت خمسة و اربعين و انتوا مشاء الله كل سنة بتفرق معاكوا أوي و ساعتها بقي ابقي سلميلي علي كيانك و صدق اللي قال اللي يحب الدح مايقولش أح،"
وتقوليلي عايزة ترجعي عصر الحريم؟! أمال ده عصر إيه يا أمي؟ لما واحد بني آدم زيه زيك بيقولك تشتغلي خدامة على مزاجه، وبعدين "إنت مطالبة بواجب مسائي"، مافيش حاجة اسمها "موود" طالما فيه "مطالبة" يا محترم. وبيتكلم كإنه بيقول حكم، حكم، وكإن إل بيقوله ده مثلا: منطقي وطبيعي ومافيش خلاف عليه، وإزاي إحنا البهايم مش شايفين الحكمة في إل هو بيقوله. وسؤال الحلقة هو نفس سؤال كل الحلقات إل فاتت: إيه إل بيخلي الراجل لمجرد إنه مدلدل كيس وماسورة بين رجليه يفتكر إن هو معفى من كافة مسئولياته عن نفسه من إطعام نفسه وإلباس نفسه وتنظيف نفسه وعايز حد لا مؤاخذة يشدله السيفون بعد ما لا مؤاخذة يستعمل الماسورة في لا مؤاخذة أي وظيفة حيوية يعني كدة ولا كدة؟ وعمال يتأمر كأنه مثلا جاب التايهة وأهدى البشرية عمل عظيم يستحق عنه أن يخدمه إنسان آخر خدمة العبيد. المرة دي هأرد أنا على السؤال: عشان فيه ست بتروح تشدله السيفون، بعد طبعا ما تكون قضت اليوم "مع صديقاتها" بتنتف شعر بطنها عشان تبقى ناعمة وهي لابسة قميص النوم البمبة المسخسخ أبو فتحة في النص، عشان هي "مطالبة بواجب مسائي خاص جدا عايز موود خاص جدا" وإل ما يعملش الواجب الأبلة تضربه على إيديه في المدرسة تاني يوم، وبعدين يا ستي "كل سنة بتفرق معاكو قوي"، يعني صلاحيتك بتخلص بسرعة وما ينفعش فيكي لا شفاف ولا خفاف، والحلاوة ما تلزقش عالجلد المكرمش، ده مثل مقابلة لمثلك الخلاب: "إل يحب الدح ما يقولش أح". إيه الحكم دي؟ وده يا ترى من الأمثلة إل كان جمعها تيمور باشا ولا ده مجهود شخصي؟
إزاي فيه بني آدم عنده شوية دم - شوية بس مش كتير - يتصور إنه من حقه إنه يستعبد إنسان تاني بالشكل ده وبالفجاجة دي؟ بتدب المفتاح في الباب تحضرلك الأكل؟ على أي حال الست إل بتعمل كدة تستاهل إنه يتعمل فيها كدة. الرجالة والستات يستاهلوا بعض
"متقلقيش لو الست اطلقت و أترمت في الشارع ساعتها لها رب اسمه الكريم و هو يمهل ولا يهمل و بعدين بلاش استهبال و النبي عشان شغل ايه ده اللي في مصر اللي يجيبلها فلوس حتعرف تحوش منها عشان لو أتطلقت تصرف علي نفسها هي و عيالها، هو حلو عليها تشتغل لحد لما نصيبها يجي و بعد كده تؤعد ف البيت و علي رأي المثل اللي عنده معزة يلمها"
كل المعيز بيتك بيتك: عايزة تحصلي حرمة، أديكي بقيتي معزة مش حرمة بس. زعلتي ليه يا تمر حنة من إل قال – عذرا – جاموسة: المعزة عجبت والجاموسة لأ؟ طيب ده حتى الجاموسة أفيد من المعزة: الجاموسة منتجة لبن أكثر وأفيد وولادة، إنما المعزة معزة مهما كان. ثم يا أخ إذا كان لها رب اسمه الكريم، أمال العيال إل مترمية في الشارع دي مش لاقية تاكل دي جاءت منين؟ من حتة تانية مالهاش رب اسمه الكريم؟
"بعدين ترجع هى تاخد شاور كمان في الروقان عقبال لما الخدم يجهزوا الأكل عشان جوزها قرب يرجع و هى يقعد بعد الشاور تظبط نفسها م المكياج و تستخدم احسن و ارقى الانواع و اغلاها و لما جوزها يرجع يتغدوا و يعشوا حايتهم بأه يا اما خروج يا اما هوم سينيما و في نفس الوقت الاولاد يكونوا رجعوا من المداؤس الانترناشيونال عاملين الوورك بتاعهم و جايين راقيين يلعبوا حبه مع ابوهوم و امهم ."
الأخ ده بقى أروق بكتيييييييييير وهو نفس الأخ إل فوق على فكرة: ست واحدة: أخدت اثنين شاور في أربع ساعات منهم واحد بالجاكوزي، مع إنها ما عملتش حاجة طول النهار غير إنها ضبطت الماكياج "الغالي" وقال إيه: راحت المكتبة تشتري رواية جديدة "مافيش مانع"، يا راجل كتر خيرك هي كمان هتقرا؟ بيقولك القراية وحشة على المعيز.
إنما سؤالي هو: ويا ترى "الخدم" إل حضروا الغدا دول من الرجال أم من النساء؟ إذا من النساء يا ترى اشمعنى هن؟ وإذا من الرجال: طيب وزوجاتهم مين بيخدمهم عشان يأخدوا اتنين شاور في اليوم ويتفرجوا على هوم سينما بالليل؟ أصحاب العقول في راحة.
والدرة الأخيرة من نفس التعليق:
"و احترامي الخاص لكل مرأه عاملة عشان تأكل عيالها و تحميهم مش عشان تحقق ذاتها أل ذاتها ستين نيلة"
"نا مش معجب بالبوست علشان أنا راجل .. أنا معجب بيه لأنه منطقي وموضوعي وعقلاني"
ده أرسطو اتقلب في تربته أول ما قلت "منطقي". يا سيد المنطق ده علم، ليه شروط، زي "فيزيائي" كدة، ما يتقالش على أي كلمتين وخلاص، هو أرسطو كان ناقصك إنت كمان؟
"بس الاول البيت..و التاني البيت..ة التالت البيت..بعد كده هي حرّه في اولوياتها"
وليه الكرم ده كله؟ وفيه حاجة معينة لازم تأكلها ولا ليها حرية الاختيار؟ الأول سبانخ والتاني سبانخ والتالث سبانخ وبعد كدة – عداك العيب – هي حرة في اختياراتها. هممممممم
مين إداكو الحق يا "نطع" منك له تقولوا للست أولوياتها إيه؟
******************************
يا سيدتي تمر حنة، أنا لم أقرأ التدوينة فحسب إنما قرأت ردودك على المعلقين، وعلى أي حال أظن إنك قصدتي ألا تكون المرأة مجبرة على العمل، إلا إن فكرتك على ما يبدو مشوشة جدا، ذكرتني بتلك المقولة الرائعة:
ليس أسوأ من تصور حاد لفكرة مشوشة
كلنا نريد أن نستريح ولا نعمل إلا ما نحب، والإنسان مضطر لكسب رزقه. وكسب الرزق كثيرا ما يرتبط بأعمال لا نحبها، وستظل تلك واحدة من صراعات الإنسان. أما أن تصفي عصرا امتلك فيه الانسان حرية انسانا آخر بهذه الرومانسية وكإنه الحلم فهذا تبسيط مخل لمسألة ليست على الإطلاق بتلك البساطة. كم من امرأة كانت تسحق لخدمة "هودج واحد"؟ هل هذا هو ما تتمنين لللانسانية؟
يا ست تمر حنة: دائما سيبقى واضحا الفرق بين "الحرة" و"العرة". الحرية لها طريقتها الخاصة في أن تفضح نفسها. يبقى فحسب أن ندرب أعيينا على الرؤية.