مأساة صغيرة
قبل أن تقرأوا
لا تقرأوا هذه التدوينة من وجهة نظر طبية فتفزعون
ولا تقرأوها من وجهة نظر دينية فتدافعون
ولا تقرأوها من وجهة نظر اجتماعية فتشمئزون
اقرأوها من الوجهة الانسانية ...وبما يعتمل في صدري ... ستشعرون
بسم الله الرحمن الرحيم
"ويسألونك عن المحيض قل هو أذى فاعتزلوا النساء في المحيض ولا تقربوهن حتى يطهرن فإن تتطهرن فأتوهن من حيث أمركم الله إن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين" سورة البقرة – آية 222
"They question thee (O Muhammed) concerning menstruation. Say: It is an illness, so let women alone at such time and go not in unto them till they are cleansed. And when they have purified themselves, then go in unto them as Allah has enjoined upon you. Trully Allah loveth those who turn unto him, and
loveth those who have a care for cleanliness"
*************************
"وإذا كانت امرأة لها سيل وكان سيلها دماً فسبعة أيام تكون في طمثها وكل من مسها يكون نجساً إلى المساء " سفر اللاويين – الاصحاح الخامس عشر – آية 19
19 " 'When a woman has her regular flow of blood, the impurity of her monthly period will last seven days, and anyone who touches her will be unclean till
evening.
***********************************
هذه المرة ستكون نوبة صداقة وليست نوبة عداء
أعد على النتيجة 28 يوماً أعدها كعضوة في نادي الـثلاثة عشرة بالمئة من النساء اللاتي يحترمن دورة القمر بحذافيرها، لا خمسة وعشرون يوماً ولا ثلاثين يوماً ولا خمسة وثلاثين يوماً
ثمانية وعشرين يوماً ويظهر الهلال خجلاً حيياً
دقة بيولوجية جديرة بالاحترام
عددت الأيام وعرفت أن لديَ موعد في الغد
كيف مرت ثلثي سنوات الخصوبة دون أن أفكر يوماً في اختبار ساعتي الشهرية على حقيقتها وليس على ما قاله الآخرون؟
لا أعرف، ربما أردت تجنبها ولتمر بأسرع ما يمكن وينتهي الأمر
يبدو أن المرأة تتعرف على كل شيء في نفسها متأخرة
تتعرف على جسدها متأخرة تتعرف على انسانيتها متأخرة
تتعرف على مشاعرها متأخرة
هيا إذاً، اليوم يوم اختبار ذلك الشيء الغامض، من وجهة نظري أنا لا من وجهة نظر الكتاب ... أي كتاب
سأترقب اليوم لأشاهد القطرة الأولى، على جسدي وليس على ملابسي ولا على الحفاظات السخيفة ولا غيرها
تمددت في أكثر وضعيات اليوجا التي أعرفها استرخاء بعد أن تخلصت بالكامل من كل ما يربطني بالمرأة الحديثة – بل وبالانسان الحديث كله - من ملابس
وأحسست بها: القطرة الأولى هي ليست الأولى الأولى، فقد مر على الأولى فعلاً أكثر من عشرون عاماً
ولكن تلك مميزة تلك انتظرتها ولم تفاجئني
تلك قررت أنا أعاملها بالعدالة وأعطيها فرصة الدفاع عن نفسها
قطرة بريئة، سالت بلطف، تبعتها قطرة أخرى مسحتها بمنديلي
وانتظرت دقائق كثيرة مرت قبل أن تلحقهما قطرات أخرى ودقائق أخرى وقطرات أخرى
واحد ... أثنان ... ثلاثة .... عشر دفقات في ساعتين كمية من الدم تكفي لملء نصف ملعقة ... بالكاد يا إلهي ...
المفاجأة الأولى أين الشلالات التي كنت أتخيلها كلما نظرت لملابسي وكمية الاحتياطات التي أتخذها؟
أتمشى في المنزل بدون أي احتياطات لأول مرة في سنوات البلوغ كلها أشعر بقطرة أخرى تتسلل بهدوء ليست قطرة شريرة، ولا ترغب في إحراجي أو إيلامي أو خداعي أمد منديلي إليها هي الأخرى، وأنا أتذكر التحذيرات الأولى، في سن الثالثة عشر ... الثالثة عشرة والنصف، المتوسط العالمي لبداية الحيض
أولاً: لا يجب أن يرى أحد آثار الحيض ... خاصة الرجال
ثايناً: لا يجب أن يعرف أحد بالحيض ... خاصة الرجال
ثالثاً: تغسل الملابس الملوثة بالدم بالماء البارد أولاً ثم توضع في الماء المغلي بمعزل عن باقي الملابس
رابعاً: لا يجوز بأي حال أن تغسل تلك الملابس مع غيرها في غسالة الملابس
خامساً: ظهور الملابس الملوثة بالحيض أو آثاره في أي مكان – بما في ذلك سلة الملابس المتسخة – يعتبر "فضيحة"
سادساً: ممنوع النزول إلى البحر الجميل الذي أعشقه أثناء الدورة الشهرية، يمكنك أن "تتبول" في البحر ما أردت، فالماء المالح قاتل لكل الميكروبات ولا تسمح حركته بنقل الأمراض، ولكن دم الحيض ... ممنوع
يؤلمني هذا جداً لأنني كنت كائناً بحرياً في حياة أخرى، كنت أنثى حوت كبير تحيض في البحر وهي تسبح بنعومة، ولا تخجل ولا تخاف على البحر
سابعاً: الشكوى من ألم وقت الحيض نوع من الدلع، والسعي لعلاج نوع من "المياعة" فالألم طبيعي جداً - يا الله على ما احتملته كلمة "طبيعي" من أهوال
أفكر في البند رابعاً، وأقارنه بملابس الإخوة الذكور، التي توضع في الغسالة مختلطة بباقي الملابس حتى وهي ملوثة بآثار حلم ساخن، ملابسهم تحتفظ بطهارتها حتى لو تلوثت بالمني، ملابسنا تفقد طهارتها لو تلوثت بالدم
ولكن ليس أي دم فلو لوث نزيف لثتي الملابس تختلط الملابس الملوثة بالملابس الأخرى دون أي خجل في الغسالة
ولو لوث نزيف أي جرح الملابس، لا تستحي تلك الملابس من ملامسة الملابس الأخرى دون أن تتعرض للغلي المؤلم على درجة حرارة عالية أما لو غير الدم مساره وقرر أن يمر عبر الرحم والمهبل فهذا يغير كل شيء
دم أحمق ذلك الذي يختار الخروج من هذا المسار غير الكريم
أما كان يمكنه أن يختار عضواً كريماً ويغذيه ويبقى فيه؟
أما كان يمكنه أن يختار الدماغ؟
اليد؟
المعدة؟
أي عضو كريم ... لا تلحقه اللعنات
يستحق هو كل ما لحقه من صفات إذ اختار مهمة غير كريمة
يستحق أن يوصف بأنه سام (معتقد شعبي)
وسام للرجال خصوصاً
يستحق أن يوصف بأنه نجس
يستحق أن يوصف بأنه سبب في نقصان الدين
يستحق أن يوصف بأنه مصدر "الهستيريا"
يستحق أن يوصف بأنه قذر
يستحق أن يجلب العار على أي ملبس أو فراش يلوثه، ويعاقبه بالحجر الصحي والعزل عن بقية الملابس "المحترمة" التي تتلوث بالمني المعبق برائحة العشق أو اللعاب السائل من جراء الاستغراق في النوم أو حتى البول الذي يهرب متخابثاً عبر عضلة فقدت قوتها نتيجة الولادة المتكررة
يستاهل ... وأكتر
عشرات الإعلانات البلهاء، الممتلئة بالفتيات "إللي زمان كانوا بيبقوا متوترين وطول الوقت بيسألوا صحباتهم: "هدومي فيها حاجة" حتى اكتشفت "منتج مش عارف إيه" وعلت وجوههن ابتسامات واسعة، لقد حُلت كل مشكلات حياتهن، "منتج مش عارف إيه يحسسك بالأمان"
ما أبخسه أمان ذلك الذي تشتريه حفاظة قطنية
قطرة تتسلل بينما أقف أمام سجادة الصلاة المطوية والتي ستبقى مطوية خمسة أيام، أحاول أن أتفهم لماذا يرفضني ربي، هو لا يعطيني "رخصة" أن أستريح من الفروض، بل هو يمنعني بالكامل من أداءها لأنني "نجسة"، ولا يصح أن يكلمه إلا المطهرون – وأنا رغماً عن ارادتي لست من المطهرون، أنا من المنجسون - أزيل القطرة المتسللة وأنا أنظر لسجادة الصلاة باستغراب
قطرة أخرى تتسلل بينما أقف أمام تمثال ستنا "مريم"، تقف فوق نموذج للكرة الأرضية وعلى ذراعها تحمل المسيح، أتساءل إن كانت تحمل المسيح أيضاً وهي تحيض؟ هل كانت تمسه وهو "روح الله وكلمة منه" بينما تتسلل قطرات الدم خارجة من جسدها الكريم؟ لا يجوز أن تشترك المرأة في "القداس" المسيحي "بالتناول" إذا كانت حائضاً، وفي أقوال أخرى لا يصح أن تذهب للكنيسة أصلاً، وبالتأكيد لا يصح أن تدخل إلى الهيكل في كل الأحوال، الهياكل "للرجال فقط"، هناك سبب وجيه لأن يكون الله: "هو" ، هو الله
يتقزز الرشيد جداً من الفكرة، أقارن فكرته حول إدخال قضيبه حيث يحتمل أن يلامسه دم الحيض بفرحته البلهاء كلما كثر الدم الذي ينزف يوم يظن أنه يحولني بارادته من "فتاته" إلى "امرأته"، يوم لا أصبح "بنت" إنما أصبح "ست"، يقوم بغزوته ويفرح بسذاجة بالدم النازف، لا يمسحه من على قضيبه بسرعة، ينظر إليه بعض الوقت ويصر على أن يريني إياه، يريدني أن أشهد على غزوته العظيمة، يزهو أكثر لو لوث بعض الدم ملاءة الفراش، خاصة لو كانت ليلة زفاف، حيث يمكنه أن يزهو أمام من يزهو في "الصباحية".
أقارن ذلك الزهو بنظرته المتعجبة المختلطة بالاشمئزاز من دم الحيض وفكرة وجود قضيبه بالقرب منه في نفس المكان ... حتى الدم: حظوظ
يلهث الرشيد وتتلاحق أنفاسه، يفقد السيطرة على نفسه بالكامل، تنقبض عضلاته ويتيبس جسده لحظة، ثم يقذف ثلاثة سمنتيمترات مكعبة من سائل أبيض يتحول لسائل لزج غير متجانس فور خروجه من جسده، يتباهى الرشيد بكميته، يفتخر لو زاد إلى حد أن لوث الفراش، أو خرج بعضه من جسدي إذا لم تستطع كل خلاياه ذات الهدب المتحرك المضي قدماً في طريقها المرسوم، وملابسي لو تلوثت بمني الرشيد الخارج من جسدي تلقى معاملة كريمة مثل باقي الملابس "المحترمة"، ما يخرج جراء هرموناته يلقى الكرامة، ما يخرج جراء هرموناتي يلقى العار
أتساءل كالعادة عن الأسباب وأحار جواباً منطقياً
لدي ألف جواب ينقصهم المنطق والعقلانية فأكتفي بالحيرة
أما اليوم فهو يوم للكرامة وليس يوم للعار ... اليوم سألوث ألف قطعة ملابس وألف ملاءة فراش، اليوم سأترك جسدي يقول كلماته البريئة بدون أن أقاطعه بالسباب، اليوم سأترك قطراته الصغيرة تتحرك بحرية، سأمسحها بمنديلي المعطر مثلما أمسح عرقي ودموعي سأتركه يعبر عن نفسه بكل بدائية، وبدون احتياطات المرأة الحديثة، سأوقره كما كان قبل أن يلحق دمه الشهري النازف النبذ، والخوف والاتهامات
هذ المرة سأضع أنا القواعد