Friday, October 20, 2006

خط أزرق

لم تكن بالنسبة لي أكثر من خط أزرق

خط أزرق لابد من محوه بأي ممحاة قادرة

لم تكن هناك أي من تلك المشاعر المختلطة ولا أي من الهراء الذي يحكون عنه

مجرد خط أزرق حيث كان من المفروض أن تكون هناك مساحة بيضاء لتسير الأمور وفق ما هو مخطط لها، لست ممن يقدرون المفاجآت ... خصوصا ذلك النوع من المفاجآت

أنت لا تفهم، مفهوم ... فكم خلية تكون الجنين وعمره خمسة عشر يوما؟ مئة؟ ألف؟ عشرة آلاف؟ مليون؟

أنا أتكون من ما يقرب من مئتي بليون خلية ... بليون، ولا أفهم

أنت مجرد خلية من المئتي بليون خلية التي تكونني، أي إنك واحد على 200 بليون

وأنت لست "أنت" على أي حال، والصواب لغويا على الأقل أن تكون "أنتي"، فالجنين دائما أنثى حتى يحدث ما يقلق هرموناتها بعد الشهر الثالث. لذلك تصحيحا للخطأ التاريخي: أنتي

وأنتي لست "أنتي" أيضا، لإنك لست انسانا، ولكنني على أية حال أحادث الأسرة والكراسي والوسادات وكأن لها حياة فيها، فلنتغاضى إذن عن كونك غير موجودة بداية

لم أسمح لك أن تأتي لأنني أحبك، أنت وكل أخوتك الذين يذهبون كل ثمانية وعشرين يوما. كل واحدة منها فرصة لانسان وغير مسموح تحت أي ظرف أن تكتمل تلك الفرصة، من ينجبون الأطفال ربما يحبونهم، أما من لا ينجبونهم فيحبونهم أكثر بكثير

آه، رفضت أن تبقي في جسدي يوما واحدا آخر، شعرت بما سأشعر به لو إنهم أخبروني إن ورما خبيثا ينمو في أحشائي، أكنت أتردد في استئصاله لو كان ذلك متاحا؟ ولا لحظة

أتذكر الطبيب وهو يسحب الدم من ذراعي وقد تصلب ذراعي بالكامل بعد ظهور الخط الأزرق، ابتسم قائلا: "إنك متوترة لإنها المرة الأولى"، رددت عليه بإنني لا أريد أولادا فتجهم قليلا كإنني كسرت حالة صوفية ما تنتابه بينما يجري اختبارات الحمل، كإنه بشكل ما يشارك في المهمة المقدسة.

أحاول أن أشعر الآن بأي شيء أو أفهم حجم المعركة القائمة بشأن الأجنة المجهضة وكم الأدبيات المكتوبة حول الشعور بالفقد وما تصفه النساء من مشاعر على إنها مشاعر غريزية تبدأ مع الحمل. شيئا من هذا لم يحدث لي. لم يحدث أكثر من الغضب وركل الحوائط بسبب انحراف الخطط عن مسارها برغم اتخاذ المحاذير اللازمة. لا أنكر إنني لا أؤمن بحياة الأجنة، فالجنين ليس أكثر من مجرد خلايا غير قابلة للحياة المستقلة مثلها مثل ملايين الخلايا التي يطردها رحمي كل ثمانية وعشرين يوما. سنوات وأنا لا أشعر إلا بالراحة إنني نجحت بكفاءة في إزالة الخط الأزرق، بالرغم من نقص خبرتي وقتها.

لا أخفيك إن كل المعطيات الدينية بشأن الأجنة ليس مسجلة في خلايا دماغي أصلا، فالمجانين ذوي الذقون والعباءات يحللون الإعدام ويحرمون الإجهاض، لا تشغلي بالا، يمكنك أن تفهمي ربما من ذلك المثل البسيط سخافة وتناقض البشر الذين أعفيتك من الاختلاط بهم.

هل سأتردد اليوم في إزالة أي خط أزرق آخر؟ لا أظن. سأفترض إنكِ إنسانا كما يحب البعض أن يعتقد لغير سبب منطقي، صدقيني أنت أفضل حالا كثيرا في البالوعة. فمكب النفايات الأكبر الذي نعيش فيه مشكلته إنكِ تشعرين، على عكس كونك خلايا ميتة في البالوعة. وثقي إنني أحمد نفسي مرتين كلما أطلقت إحدى ثورات غضبي أو خوفي أو اكتئابي على رف برئ يرفض أن يثبت في مكانه، أو طبق صيني مسكين، أو صديق تصادف وجوده وقتها. كان من الممكن أن يكون ... أنتي. أحمد نفسي مرة لإنني حميتك من الدنيا كلها، ومرة أخرى لإنني حميتك مني.

أحيانا أحاول أن أفكر: ماذا لو كنت ولدت؟ كم سيكون عمرك وشكلك ومثل تلك التفاصيل، إلا إنني لا أشعر بأي شيء، ولا بأي شوق، ولا ينتابني إلا الإحساس العارم بالراحة السالف ذكره.

أعرف إن المسألة معقدة جدا على الفهم بالنسبة لعدد لا يذكر من الخلايا مثلك، إلا إنني تذكرت للتو فلم فرنسي شاهدته مرة وأنا صغيرة اسمه "العصافير الزرقاء"، للأسف لم أجده أبدا بعدها. كان الفلم يدور في عالم ما قبل الولادة، حيث الجميع سويا سعداء حتى تعكر الولادة صفوهم. ربما أنتِ هناك وسعيدة، بأي حق على أي حال آمر انسانا أن يوجد لمجرد إنني رغبت في امتلاك شخص؟ الرغبة في الخلق فتنة، ولا أحد يحذرنا منها.

بما إنكِ هناك وسعيدة فلست مضطرة لتعكير مزاجك بالتفكير في الأمر، أتركيه لنا نحن الذين ولدنا ولا نعرف لماذا ولدنا، على الأقل أنتِ تعرفين الآن لماذا "لم" تولدي.

5 comments:

أحمد said...

نفس الاحساس كان مثار العديد من المناقشات و النكات بيننا
حول كم الشعوب التي يقتلها الواحد ببمارسة الاستمناء في البالوعة
:-)

نياه نياه
علي كل حصل خير
المهم انت مبسوطة ؟

دماغ ماك said...

maaaaaaaan
el tagreba de shaklaha sa3ba 3aleky awy we me2asara feky
bas ensha2 allah hat3adeha
we hatkon a7la tagreba maret 3aleky fe 7ayatek lama teshofy el 7'aleya de we heya fe 7odnek
greetings

Lasto-adri *Blue* said...

ايوة الاعدام حلال والاجهاض حرام

الاعدام لشخص ارتكب الجرم فعلا
انما فى الاجهاض ح تأتى بنتك او ابنك يوم القيامة و تسأل.. بأى ذنب قتلت

وليه تفترضى الشر
ما قد تعيش فى خير
وقد يكون شر بعده خير
وقد تكون سبب لخير آخر

محدش يعرف


فى نظرنى المحدود الخلاص من الحياة هو الحل... لكنه نظرنا المحدود يا زبيدة
حقيقى محدش يعرف الخير والشر فين

:)

على اى حال.. سواء اتفاقى او اختلافى.. فاسلوبك فى السرد جميل و يشد
ماشاء الله

Anonymous said...

وإذا أردتم بالبنين كرامة
فالحزم أجمع تركهم في الأظهر

هذا ما جناه أبي عليّ
وما جنيت على أحد

- أبو العلاء

واثق الخطوة said...

سماء روحي
منتديات سماء روحي
منتديات
خواطر
البرامج
sitemap